كالمحكي عن نهاية الفاضل بعد حكمه بطهارة الدخان مطلقا للاستحالة كالرماد، وأنه لو استصحب شيئا من أجزاء النجاسة باعتبار الحرارة المقتضية للصعود فهو نجس، ولهذا نهي عن الاستصباح بالدهن النجس تحت الظلال، لعدم انفكاك ما يستحيل عن استصحاب أجزاء دهنية اكتسبت حرارة أوجبت ملاقاته الظل وإن كان هو محلا للنظر من وجوه أخر.
كتعليله النهي عن الاستصباح تحت الظلال بذلك، إذ لا حرج على المالك بتنجيس ملكه، وكدعواه عدم انفكاك ما يستحيل عن استصحابها، إذ لمانع يمنعها عليه، بل قد يدعى العفو عن مثل هذه الأجزاء، للسيرة المحكية ممن عرفت إن لم تكن محصلة التي هي أقوى من الاجماع في بعض الأحوال على عدم توقي الناس دخان الأعيان النجسة، خصوصا بعد اعتضادها بصريح الاجماع وظاهره.
وكالذي عساه يظهر منه من تنجس الدخان باستصحاب تلك الأجزاء وملاقاته لها، فإنه وإن كان قد يؤيده قاعدة قبول الأجسام النجاسة، لكن قد يمنع بشهادة السيرة وحكمهم بطهارة الأبخرة التي تمر على الأعيان النجسة الذي لا ينافيه ما في المنتهى من أن البخار المتصاعد من ماء النجس إذا اجتمعت منه نداوة على جسم صقيل وتقاطر حكم بنجاسته، إلا أن يعلم تكونه من الهواء كالقطرات الموجودة على طرف إناء في أسفله جمد نجس، فإنها طاهرة، إذ لعل مراده بل هو الظاهر الأجزاء المائية التي تتصاعد مع البخار وتجتمع، ولذا حكم بالطهارة مع العلم بتكونها من الهواء، بل هو ظاهر في عدم نجاسة ذلك البخار عنده.
نعم قد يناقش في تعليقه الطهارة على العلم، إذ المتجه العكس، بل قد يناقش في أصل النجاسة هذه الأجزاء بما تقدم آنفا.
كما أنه قد يستفاد منه أن المستحيل إلى شئ لو رجع إلى المستحال منه لا يرجع حكم النجاسة، وهو كذلك للأصل، لكنه إنما يتم في المتنجس دون عين النجاسة.