فيه خلافا إلا من الشيخ في نهايته، فلم ير بأسا بأكل الخبز المعجون بماء نجس معللا له بأن النار قد طهرته، وعن استبصاره وظاهر الفقيه والمقنع، مع أن النهاية ليست من كتبه التي أعدها للفتوى، بل هي متون أخبار كما لا يخفى على الخبير الممارس، كما أن الاستبصار من الكتب المعدة لمجرد الجمع بين الأخبار، على أنه قد احتمل فيه اختصاص ذلك بالمعجون بماء البئر المتنجس لا بالتغير، بل لعله مراد الأخيرين أيضا، إذ لم يكن فيهما إلا جواز أكل الخبز مما عجن من ماء بئر وقع فيه شئ من الدواب فماتت، بل في أولهما التصريح بأنه إذا قطر خمر أو نبيذ في عجين فقد فسد، فلا بأس ببيعه من اليهود والنصارى بعد أن يبين لهم، ونحن لا ننكره وإن كان لعدم نجاسة البئر عندنا بغير التغير، بل وعلى القول بها فيه، لاختصاصها بأحكام كثيرة انفردت بها عن غيرها، فلعل هذا منها عندهما، فلا يقدحان في ذلك الاجماع، كما لا يقدح فيه ما سمعته من النهاية بعد ما عرفت، وبعد رجوعه عن ذلك في المحكي من مبسوطه وتهذيبه، بل فيها نفسها في باب الأطعمة، بل ظاهره فيه أن ما ذكره هنا رواية لا فتوى، قال: " وإذا نجس الماء بحصول شئ من النجاسات فيه ثم عجن به وخبز منه لم يجز أكل ذلك الخبز، وقد رويت رخصة في جواز أكله، وذكر أن النار قد طهرته، والأحوط ما قدمناه " وإن كان في قوله:
" أحوط " إشعار باختيار الجواز.
ومع ذلك كله فالمتبع الدليل، وهو على النجاسة قطعا للاستصحاب فيما لم تبق النار شيئا من أجزاء الرطوبة فضلا عما بقي فيه كما هو الغالب، وما في المعالم من عدم جريانه فيه لكنه لو قيل بطهارته دون ما بقي فيه استلزم إحداث قول ثالث جزاف من القول، وإلا لطهر الثوب ونحوه لو جفف بالنار.
وصحيح ابن أبي عمير (1) عن بعض أصحابه بل قال: ما أحسبه إلا حفص