بل وبما قيل من عموم ما دل على طهورية الأرض، ومن أن الشمس من شأنها الاسخان الملطف للأجزاء الرطبة والمصعد لها، مع إحالة الأرض للأجزاء الباقية اليسيرة، فتطهر حينئذ، خصوصا لو قلنا إن الطهارة النظافة والنزاهة الحاصلتان بمجرد زوال القذارة عن المحل، إلى غير ذلك غنية وكفاية عن غيرها.
فما عن الراوندي ووسيلة الطوسي ومعتبر المصنف من القول بعدم الطهارة وإن عفي عنه بالنسبة للسجود دون المباشرة بالرطوبة ونحوها ضعيف جدا، وإن تبعهم بعض متأخري المتأخرين، مع عدم ثبوت ذلك عن المعتبر، وإن استجوده بعد أن نقل عدم الطهارة وجواز الصلاة عنهما، لكن في كلامه ما يقضي بالتردد، بل الميل إلى الطهارة، بل هو في مسألة تطهير الأرض بالذنوب كالصريح في المختار، بل ما حضرني من عبارة الوسيلة صريحة أو كالصريحة في خلاف ما حكي عنها من موافقة الراوندي كما اعترف به في الذخيرة وغيرها، نعم هي ظاهرة أو صريحة في عدم تأثير الشمس طهارة ولا عفوا، فيكون ذلك من منفردات الراوندي، إذ لم نعرف له موافقا صريحا من كبراء الأصحاب حتى ابن الجنيد، إذ المحكي عنه أنه احتاط في تجنب الأرض المجففة بالشمس إلا أن يكون ما يلاقيها من الأعضاء يابسا، وهو في خلافه أظهر منه في وفاقه.
وكيف كان فلا ريب في ضعفه، إذ هو مع ما فيه من منافاته لجميع ما دل على اشتراط الطهارة في السجود والتيمم ونحوهما، بناء على ما عن الراوندي ليس له إلا الأصل الغير الصالح لمعارضة شئ مما سمعت، بل في الرياض تبعا لغيره المناقشة في جريانه هنا بأن مقتضاه النافع لثمرة النزاع نجاسة الملاقي بالملاقاة، وهو حسن إن خلا عن المعارض بالمثل، وليس، إذ الأصل بقاء طهارة الملاقي، ولا وجه لترجيح الأول عليه، بل هو به أولى، كيف لا والأصل طهارة الأشياء حتى يعلم المسلم بين العلماء، ودلت