بسبب ما فيهما من الدسومة ونحوها ونفس تلك الأجزاء النجسة بإحالة النار لها رمادا كان ممكنا، إذ عليه لا مانع من إرادة الطهارة الحقيقية من كل منهما.
بل يمكن حينئذ بناء على ذلك فرض الماء القليل أيضا إن قلنا بقابليته لتطهير مثله مما ينفذ فيه ماء الغسالة ولا ينفصل عنه كما تقدم سابقا، بل قد عرفت الاعتراف من بعضهم بدلالة خصوص هذا الخبر على ذلك.
كما أنه يمكن أن يراد بتطهير الماء والنار له على أن النار المقدمة لحصولها بالماء بسبب تجفيفها له تجفيفا ينفذ فيه الماء، إلا أنه يخرج عن الدلالة على المطلوب حينئذ.
بل في المعتبر والمنتهى الاشكال في أصل دلالته عليه بعدم مدخلية الماء الذي يمازجه ويحيل به في التطهير إجماعا، وبعدم نجاسة الجص بالدخان ونحوه حتى يحتاج إلى التطهير، وبأنه لم تصيره النار رمادا حتى يطهر بها بعد فرض نجاسته.
لكنه كما ترى مبني على إرجاع الضمير إلى الجص نفسه لا باعتبار ما خالطه من الأجزاء كما هو مبنى الاستدلال منا على ما عرفت البحث فيه مفصلا، بل قد عرفت أنا في غنية عن هذا الخبر مما سمعت من الأصل والاجماع وغيرهما.
فما عن أطعمة الكتاب من التردد في الدخان أو هو والرماد ضعيف جدا، على أن الموجود فيه هنا " ودخان الأعيان النجسة طاهر عندنا، وكذا كل ما أحالته النار فصيرته رمادا أو دخانا أو فحما على تردد " وهو محتمل أو طاهر في الفحم خصوصا بعد ظهور الاجماع منه أولا على طهارة الدخان، وإن كان قد يحتمل إرادته به البخار، فلا خلاف فيه حينئذ فيما ذكرنا.
كما أنه لا خلاف فيه أيضا من المبسوط وإن حكي عنه التصريح بنجاسة خصوص دخان الدهن النجس لكن علله بأنه لا بد من تصاعد بعض أجزائه قبل إحالة النار لها بواسطة السخونة، وهو واضح الخروج عن محل البحث.