ومن هنا ظهر لك أن ما يوجد في بعض كتب أصحابنا من تقييد سبب الجنابة بإنزال الماء الدافق كما في المقنعة والمبسوط وكافي أبي الصلاح والمراسم والوسيلة وعن جمل السيد محمول على الغالب، فلا يعتبر المفهوم فيها، بل الظاهر منها جميعا إرادة المني، أو يراد منها حيث لا يقطع بكونه مني بدون ذلك، لما قد عرفت من كون الحكم مجمعاعليه عندنا، وأخبارنا به كادت تكون متواترة، كما أنه يجب حمل بعض الأخبار الدالة على اشتراط جنابة المرأة بخروج المني عن شهوة على ما تقدم أو غيره من الوجوه، كخبر إسماعيل بن سعد الأشعري (1) عن الرضا (عليه السلام) قال: (إذا أنزلت من شهوة فعليها الغسل) وخبر محمد بن الفضيل (2) عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: (إذا جاءتها الشهوة فأنزلت الماء وجب عليها الغسل " ونحوهما غير هما، خصوصا مع ظهور جميعها في إرادة التميز بذلك، كما يشعر به وقوعه عقيب السؤال من الراوي في أكثرها عن وقوع الماء منها بعد الملاعبة ونحوها مما يقتضي في الغالب خروج المذي، فكان الشرط حينئذ لتمييز الخارج منها أنه مني أو لا، فتأمل.
نعم في جملة من الأخبار التي هي صحيحة السند ما يدل على عدم وجوب الغسل مع خروج المني (منها) خبر عمر بن يزيد (3) قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): " الذي يضع ذكره على فرج المرأة فيمني عليها غسل؟ فقال: إن أصابها من الماء شئ فلتغسله، وليس عليها شئ إلا أن يدخله، قلت: فإن أمنت هي ولم يدخله قال ليس عليها الغسل " و (منها) خبره الآخر (4) قال: " اغتسلت يوم الجمعة بالمدينة، ولبست ثيابي، وتطيبت، فمرت بي وصيفة، ففخذت لها، فأمذيت أنا وأمنت هي، فدخلني من ذلك ضيق، فسألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن