بعد أن شهد القوابل أنه لحمة ولد ويتخلق منه الولد كان الدم نفاسا بالاجماع، لأنه دم جاء عقيب حمل " انتهى. وأرسل عن شرح الجعفرية الاجماع أيضا عليها لكن مع التقييد بما قيدها به في الذكرى والروضة من اليقين، قلت: وكأنه مستغنى عنه بعد تعليق الحكم على المضغة كالمتقدم في التذكرة إن قلنا أنه قيد فيها للمضغة، ولعله للعلقة كما عساه يشعر به كلامه في العلقة المشتبهة.
وكيف كان فلا ينبغي الاشكال في إلحاق المضغة بعد ما عرفت وإن لم يصدق اسم الولادة معها، مع إمكان منع ذلك أيضا، وربما يظهر من الكلام في المضغة الكلام في العلقة، لما فيه من الاشعار بعدم دوران النفاس على اسم الولادة بل على مبدأ نشو آدمي، وهو متحقق في العلقة، ومن هنا صرح بتحقق النفاس معها جماعة منهم العلامة والشهيدان، بل قد عرفت دعوى الاجماع عليه في التذكرة كما عن شرح الجعفرية لكن مع التقييد في الجميع بالعلم بكونها كذلك بشهادة القوابل أو غيرها، ولعله به يرتفع الخلاف فيها، لتعليل من منع النفاس معها كما في المعتبر والمنتهى وغيرها بعدم اليقين للحمل بذلك، فهو يشعر بتحققه مع اليقين، فلا خلاف حينئذ، ومن هنا أنكر في الروض على المحقق الثاني توقفه في العلقة بعد العلم واليقين، حيث قال بعد أن نقل عن الذكرى أنه لو فرض العلم بأنه مبدأ نشو انسان بقول أربع من القوابل كان نفاسا:
" قال: وتوقف فيه بعض المحققين لانتفاء التسمية، ولا وجه له بعد فرض العلم، ولأنا إن اعتبرنا مبدأ النشؤ فلا فرق بينها وبين المضغة " انتهى. فما في المدارك من الانكار على جده بأن التوقف لعدم صدق اسم الولادة ليس في محله، بل قد يظهر من الذكرى احتمال ثبوت النفاس مع النطفة بعد العلم بكونها كذلك، ولا بأس به إلا أن فرض العلم به متعسر إن لم يكن متعذرا، فظهر لك من ذلك كله أن الأقوى تحقق النفاس مع المضغة والعلقة، وبه ينقطع الأصل لو لم نقل أن الأصل يقضي بما قلنا، فتأمل جيدا.