فرق بين تقديم كل منهما على الآخر، ولم أعرف له دليلا كما أني لم أعرف من عبر به غيره من القائلين بالاستحباب إلا ابن فهد في الموجز، بل ولا هو في غير هذا الكتاب، نعم يقرب منه ما في البيان، ويستحب تقديم الاجتهاد على الأصح بالبول ثم الاجتهاد، ونحوه ما في الروضة، مع أنه لا دليل عليه أيضا، إذ استحباب الاجتهاد بعد البول إنما هو من آداب التخلي لا من آداب الغسل، ولعل وجه ما في المتن هو التخلص من شبهة خلاف الجعفي على ما نقل عنه من إيجابهما معا إن قلنا بصحة مثل ذلك منشئا لمثله، وفي السرائر والقواعد تقييد الثاني بما إذا لم يتيسر الأول، كما أنه اقتصر على الثاني أعني الاستبراء بالخرطات في النافع والتحرير، وأطلق الاستبراء في الإرشاد واللمعة.
وكيف كان فالظاهر أن المشهور بين المتأخرين كما حكى ذلك بعضهم عدم وجوب شئ منهما في صحة الغسل، وهو المنقول عن المرتضى (رحمه الله) للأصل وخلو كثير من الأغسال البيانية عنه، ومفهوم قول أبي جعفر (عليه السلام) في خبر محمد بن مسلم (1): " من اغتسل وهو جنب قبل أن يبول ثم وجد بللا فقد انتقض غسله " وما يستفاد من فحوى غيره من الأخبار (2) من تعليق إعادة الغسل لمن لم يبل على خروج البلل المشتبه مع إشعارها بتركه قبل الغسل، خلافا لظاهر الهداية والمهذب والاستبصار وإشارة السبق من إيجاب البول، وللمقنعة والوسيلة والجامع من إيجاب البول، فإن لم يتيسر فالاجتهاد، وللمراسم وعن الجعفي من إيجابهما معا مع التصريح في الأول بالاكتفاء بالاجتهاد مع تعذر البول، وللمبسوط والغنية من التخير بينهما مع زيادة الثاني إيجاب الاستبراء من البول، وللكافي من إلزام مريد الغسل الاستبراء بحيث يتيقن الاستنجاء على كل حال، وما عن الكامل والمصباح ومختصره والاصباح والجمل والعقود والكيدرى من الوجوب، لكن لم تنقل لنا عباراتهم لنعرف كيفيته، وفي الذكرى أنه لا بأس بالوجوب محافظة من