وقال في الذكرى في المقام: " قيل الاعتبار في الكثرة والقلة بأوقات الصلاة، فلو سبقت القلة وطرأت الكثرة انتقل الحكم، فلو كانت الكثرة بعد الصبح اغتسلت للظهرين - إلى أن قال -: أما بالنسبة إلى الظهرين فلا يجب إن كثر بعدهما غسل لهما، بل إذا استمر إلى العشاءين اغتسلت لهما قطعا، وكذا إن انقطع مظنونا عوده أو مشكوكا فيه لأصالة البقاء، وإن شفيت منه بني على ما مر، ولو سبقت الكثرة في الصبح اغتسلت له، فلو قل عند الظهرين توضأت، ولو جوزت عود الكثرة فالأجود الغسل لأنه كالحاصل، فإن علمت الشفاء كفاها الوضوء " انتهى. وفيه مواضع للتأمل يظهر بعضها مما تقدم وبعضها مما يأتي.
وحيث انجر بنا الكلام إلى البحث في أن انقطاع دم الاستحاضة يوجب شيئا أو لا فنقول: قد أطلق الشيخ في مبسوطه وخلافه كما عن الاصباح والمهذب ايجاب الوضوء للانقطاع قبل الشروع في الصلاة، وظاهره عدم الفرق بين مراتب الاستحاضة وبين كون الانقطاع للبرء والشفاء وعدمه وإن كان في كلامه ما عساه يشعر بالثاني، وقيده العلامة في القواعد وغيره بالبرء كما أن الشهيد في البيان قيده بما إذا كان قبل الانقطاع موجبا للوضوء، وإلا فالغسل، وقد اعترف الشهيد في الذكرى بعدم الوقوف على نص في المسألة، وهو كذلك، وتفصيل الحال وبالله التوفيق أن يقال: إنه لا إشكال في حكم انقطاع دم الاستحاضة قبل أن تفعل موجبه من وضوء أو غسل سواء كان الانقطاع انقطاع فترة أو برء، وذلك لأنه يجب فعل ما خوطبت به من الوضوء أو الغسل حينئذ من غير زيادة للانقطاع، سواء كان ذلك في الوقت أو قبله بناء على ما تقدم من المختار، وأما إذا كان الانقطاع بعد فعل الصلاة فإن كان برء احتمل وجوب الإعادة لانكشاف فساد الأول، واحتمل العدم لحصول الامتثال واقتضاء الأمر الاجزاء وإطلاق الأدلة، ولعله الأقوى، وإن كان لفترة فلا إشكال حيث لا تسع الطهارة