عند أحد الأغسال من غير عود لم يجب غسل آخر لانتفاء موجبه؟
قلت: الأخير لا يخلو من قوة، بل لعله مراد الجميع سيما سابقه وإن قصرت العبارة عن ذلك، لما سمعته من إطلاق النصوص والفتاوى. وما يقال: إن ظاهر الأخبار الاستمرار قد يمنع إن أراد به الاشتراط، نعم قد تشعر به ما في بعضها (1) من الأمر بالاحتشاء والاستذفار وإطلاق الدمية ونحو ذلك، لكن لا ظهور فيها بالاشتراط أي اشتراط وجوب الأغسال بالاستمرار المتقدم حتى تصلح مقيدة لغيرها، سيما مفهوم قوله (عليه السلام) في خبر الصحاف (2): " فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة " وفي كشف اللثام " ولا يدفعه قوله (عليه السلام) (3): " فإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقى فإن عليها أن تغتسل في كل يوم وليلة ثلاث مرات " فإن (إذا) لا تفيد الاستمرار والكلية " انتهى. فتأمل. بل لولا مخافة خرق ما عساه يظهر من الاجماع وتشعر به بعض الأخبار (4) لأمكن القول بايجابه الأغسال الثلاثة وإن لم يستمر لحظة بعد الغسل للاطلاق المتقدم، فيكون حينئذ هذا الدم حدثا يوجب أغسالا ثلاثة وإن لم يستمر، نعم قد يتجه بناء على المختار عدم الفرق بين كون الانقطاع للبرء وعدمه إذا لم يتعقبه غسل بعد انقطاعه، كما إذا انقطع للبرء بعد فعل الصلاة مثلا ولم نقل بوجوب إعادة الطهارة والصلاة أو كان في خارج الوقت بالنسبة للصبح مثلا، سيما بعد ثبوت كون هذا الاستمرار من دم الاستحاضة حدثا وعدم ثبوت إجزاء الغسل المتقدم عليه عنه، اللهم إلا أن يثبت إجماع على عدمه، والظاهر عدمه، كما تأتي