الإشارة إليه إن شاء الله في البحث عن الغسل للانقطاع للبرء، على أنه لم يعقل الفرق بين الانقطاع للبرء وعدمه، لأنه إن كان الموجب للغسل إنما هو ما وقع من الحدث قبل انقطاعه فهو موجود في الحالتين، وإلا فلا يفيده ما تجوز مجيئه من الحدث، اللهم إلا أن يقال ببقاء وصف المستحاضة كبرى مثلا في الثاني دون الأولى، وللنظر فيه مجال سيما مع عدم اطمئنانها بالعود، فتأمل جيدا.
ثم لا يخفى أن ما ذكرناه من إيجاب الغسل بذلك مبني على الاجتزاء بوجود الدم الموجب لذلك قبل فعل الصلاة التي يقع الغسل لها سواءا كان في الوقت أو لا كما في سائر مراتب الاستحاضة، فيجب الغسل للظهرين بمجرد حصول الكثرة قبل الوقت وإن طرأت القلة فيه، وفاقا لجماعة من متأخري المتأخرين منهم الشهيد الثاني، وربما مال إليه في جامع المقاصد هنا للاطلاق المتقدم من النصوص والفتاوى، ولأنه كغيره من الأحداث التي لا يشترط في تأثيرها دخول الوقت، ولعله الظاهر من خبر الصحاف المتقدم، وخلافا لما عساه يظهر من الشهيد في الدروس، وربما مال إليه في جامع المقاصد في مبحث الغايات، وقال: إنه الذي يلوح من الأخبار، قال في الأول: والاعتبار بكمية الدم بأوقات الصلاة في ظاهر خبر الصحاف وفي الذكرى بعد أن ذكر خبر الصحاف: هذا مشعر بأن الاعتبار بوقت الصلاة، فلا أثر لما قبله، واعترضه سائر من تأخر عنه بأنه لا ظهور فيه بذلك، بل ظاهره العكس كما عرفت، قلت: وهو كذلك إلا أن يكون مقصوده أمرا آخر يصعب استقامته أو يكون أخذه مما في آخره من اشتراط كونه دما صبيبا لا يرقى أو نحو ذلك من الأمارات التي يشكل الاعتماد عليها، ولذا كان ظاهره في البيان ما قلناه، قال فيه: لو اختلفت دفعات الدم عمل على أكثرها ما لم يكن لبرء، لكن لا يخلو ما فيه من التقييد من النظر، سيما إذا كان الاختلاف في الدفعات التي تعقبها البرء بعد الوقت، بل قد يظهر منه فيه أيضا خلافه، فلاحظ وتأمل.