فلا يرتكب تخصيص في المطلقات.
والحاصل. أن الواجب واجب، نفسيا كان أم غيريا، فلا ينصرف إلى أحدهما إلا بدليل، ولا دليل على الانصراف إلى النفسي إلا تخصيص المطلقات على الغيري خاصة، ولا تحصيص على ذلك القول.
وأما ما قلنا من أن الحق: عدم توقف وجوب ما يجب لغيره على دخول رقت ذلك الغير، بل يتوقف على وجوبه، فتوضيحه بعد مقدمة هي: أنه إذا قال الأمر:
صم أول رجب، تحصل للمأمور حالة غير ما كانت عليه قبل ذلك الأمر، وهي صيرورته مكلفا بصوم أول رجب، فيصير صوم أول رجب واجبا عليه وإن لم يدخل بعد وقت فعله، إذ لا يتوقف وجوب الشئ على دخول وقته، فإن الوجوب هو المطلوبية الحتمية،، يصدق على هذا الشخص أنه مطلوب منه صوم أول رجب حتما، وعلى صوم أول رجب أنه مطلوب حتما، بخلاف ما إذا قال، إذا دخل أول وجب آمرك بصومه، فإنه لم يجب بعد.
نظير ذلك: ما قاله الفقهاء في التوكيل التنجيزي والتعليقي، فقالوا: يصح أن يقول الموكل. أنت وكيلي أن تفعل في الشهر الآتي كذا؟ بأن يكون الآتي ظرفا للفعل دون التوكيل، ولا يصح أن يقول: إذا دخل الشهر الآتي أنت وكيلي، بأن يكون الشهر ظرفا للتوكيل، فإن التوكيل في الأول تنجيزي وفي الثاني تعليقي.
وبعد ذلك نقول: إذا وجب شئ لشئ آخر، فما لم يجب ذلك الآخر لا يجب هذا البتة، إذ وجوبه تبعي، وهو فرع وجوب متبوعه، أي تعلق الأمر به، ولكن لا دليل على توقف وجوبه على دخول وقته، بل يرى أنه لو أتى بذلك الغير قبل وقت ذلك يكفي ويعد ممتثلا، فلو أمر المستطيع الذي بينه وبين مكة عشرة أيام بالحج، فذهب إلى مكة قبل الموسم بشهرين كفى ولو أمره بوجوب المقدمة صريحا أيضا. ولأن الأصل عدم تقييد وجوبه بوجوب ذلك الغير، فلو قال: إذا أحدثت يجب عليك الوضوء من جهة الصلاة! فالأصل عدم تقييد وجوبه بوقت الصلاة، وكذا لو قال: يجب عليك ستر العورة لأجلها.