الكلام النبوي، كيف لا، وهو قبس من نور مشكاة الرسالة، ونفحة من شميم رياض الإمامة، حتى قال بعض العارفين: إنها تجري مجرى التنزيلات السماوية، وتسير مسير الصحف اللوحية والعرشية؛ لما اشتملت عليه من أنوار حقائق المعرفة، وثمار حدائق الحكمة. وكان أحبار العلماء، وجهابذة القدماء من السلف الصالح يلقبونها ب " زبور آل محمد " و " إنجيل أهل البيت ".
قال الشيخ الجليل محمد بن علي بن شهر آشوب في معالم العلماء في ترجمة المتوكل بن عمير: " روى عن يحيى بن زيد بن علي (عليهما السلام) دعاء الصحيفة، وتلقب بزبور آل محمد (عليه السلام) " انتهى (1).
وأما بلاغة بيانها: فعندها تسجد سحرة الكلام، وتذعن بالعجز عنها مدارة الأعلام، وتعترف بأن النبوة غير الكهانة، ولا يستوي الحق والباطل في المكانة، ومن حام حول سمائها بغاسق فكره رمي من رجوم الخذلان بشهاب ثاقب.
حكى ابن شهر آشوب في مناقب آل أبي طالب: أن بعض البلغاء ذكرت عنده الصحيفة الكاملة، فقال: خذوا عني حتى أملي عليكم مثلها، فأطرق رأسه فما رفعه حتى مات. ولعمري قد رام شططا، فنال سخطا (2).
أقول: إن سائر الأدعية المأثورة عن مولانا السيد السجاد وزين العباد - عليه آلاف التحية من رب العباد إلى يوم التناد - وكذا الأدعية المأثورة عن سائر موالينا أئمة الأنام - عليهم آلاف السلام، من السلام، فوق كل سلام، إلى قيام الساعة وساعة القيام - لا يقصر عن أدعية الصحيفة الكاملة الشريفة لمنشئها آلاف السلام والتحية إلى قيام القيامة.