فالامر اسم لصيغة: " افعل " والنهي اسم لصيغة: " لا تفعل " - ان كانا كذلك - فلا يكون الامر بشئ مقتضيا للنهي عن تركه بنحو من انحاء الاقتضاء لا بنحو العينية ولا التضمن ولا الملازمة. فان كلا منهما وجود مستقل حقيقي فلا يكون عين الاخر، كما أنه لا يلزم عن تحقق الامر بشئ بهذا المعنى تحقق النهي عن تركه كذلك لا باللزوم البين بالمعنى الأخص ولا البين بالمنى الأعم.
وان كانا اسمين لواقع الانشاء، فان قلنا إن النهي عبارة عن طلب الترك فيكون النهي عن الترك عبارة عن طلب تركه، كان الامر بالشئ عين النهي عن تركه، لان طلب ترك الترك يرجع في واقعه إلى طلب الفعل. وان قلنا إن النهي عبارة عن الزجر عن الفعل ومبغوضية المنهي عنه، لم يكن الامر بالشئ عين النهي عن تركه، لان محبوبية العمل وإرادته تغاير مبغوضية الترك وكراهته، فان كلا منهما وجود مستقل وصفة من صفات النفس تغاير في واقعها الأخرى.
كما أنه لم يكن الامر ملازما للنهي عن الترك، لان المحبوبية تنشأ من وجود المصلحة، والمبغوضية تنشأ من وجود المفسدة، فتعلق المحبوبية بالفعل لوجود مصلحة فيه لا تلازم تعلق المبغوضية في الترك، إذ لا يلزم أن يكون في الترك مفسدة إذا كان في الفعل مصلحة، بل غاية ما يكون في الترك هو عدم المصلحة وهو لا يكون منشئا للمبغوضية.
ثمرة المسألة ذكر صاحب الكفاية: ان ثمرة البحث تظهر فيما كان ضد المأمور به عباديا كالصلاة بالنسبة إلى الإزالة، فإنه بناء على اقتضاء الامر بشئ النهي عن ضده بضميمة ان النهي عن العبادة يستلزم فسادها تقع العبادة فاسدة للنهي عنها، وبناء على عدم اقتضاء الامر بشئ النهي عن ضده تقع صحيحة لعدم النهي عنها.