ثانيا -، لكن سقوطه مراعي بالاتيان بباقي الاجزاء وبدونه لا يستقر السقوط.
وعليه فما نحن فيه يمكن أن يكون من هذا القبيل، فان الامر الغيري وان كان يسقط بمجرد الاتيان بالمقدمة، لكنه سقوط مراعي بالايصال وترتب الواجب، وبدونه يلزم الاتيان بها ثانيا.
والذي يتحصل من مجموع ما ذكرنا: ان ما ذكره صاحب الكفاية من الاشكالات على القول بوجوب المقدمة الموصلة والمحاذير فيه غير تام في نفسه، سوى الاشكال الأول الذي يبتني على أخذ الغرض هو التمكن لا فعلية الترتب. ولا يخفى انه ليس بمحذور ثبوتي في القول بالمقدمة الموصلة فالقول بالمقدمة الموصلة ممكن في نفسه، وانما الالتزام به أو بعدمه ينظر فيه ما تقتضيه الوجوه الاثباتية.
لكن المحقق النائيني (قدس سره) ذهب إلى استحالة الالتزام بوجوب خصوص المقدمة الموصلة، لأنه يستلزم محاذير ثلاثة. وبيان ذلك - كما جاء في أجود التقريرات -: ان الايصال المعتبر ليس من الصفات الخارجية التي تتنوع باعتبارها المقدمة وتنقسم إلى قسمين، نظير الكفر والايمان في الانسان، وانما هو من الصفات الانتزاعية المنتزعة عن الاتيان بذي المقدمة، فإذا أخذ هذا القيد الانتزاعي المتوقف تحققه على الاتيان بذي المقدمة في الواجب المقدمي لزم:
أولا: أن يكون الواجب النفسي مقدمة للمقدمة لتوقف تحقق الايصال على تحققه، وهو باطل لاستلزامه الدور، لان الواجب النفسي يتوقف على تحقق المقدمة، فإذا كان مقدمة لها كان تحققها منوطا بتحققه فيلزم الدور.
وثانيا: أن يكون الواجب النفسي واجبا بوجوب ناشئ من المقدمة، لأنه يكون مقدمة لما هو واجب كما تقرر في الوجه الأول، وهو باطل أيضا لمحذور الدور، فان وجوب المقدمة انما يترشح من وجوب ذيها، فهو معلول لوجوبه، فإذا كان وجوب ذيها معلولا لوجوبها لزم الدور.