الكفاية، فذهب إلى تعلق الوجوب الغيري بعموم المقدمة ترتب عليها الواجب - المعبر عنها بالمقدمة الموصلة - أو لم يترتب. واستدل على مختاره بوجوه أربعة:
الأول: ان الملاك والغرض من الوجوب الغيري متوفر في مطلق المقدمات من دون اختصاص له بصنف دون آخر، وذلك لان الغرض هو حصول ما لولاه لما أمكن حصول ذي المقدمة، وليس هو ترتب ذي المقدمة، وذلك لان الغرض هو ما يترتب على الشئ من اثره. ومن الواضح ان الذي يترتب على المقدمة من أثر هو حصول ما لو لاه لما أمكن حصول ذي المقدمة، اما ترتب الواجب - ذي المقدمة - فليس من الأمور التي يحصل بالمقدمة، بل لا يحصل بمجموع المقدمات في غير المسببات التوليدية، لتوقف حصول الواجب في الأفعال الاختيارية على إرادة المكلف له فلا يحصل بدون ارادته وان حصل جميع مقدماته. وعليه فلا يمكن ان يفرض ترتب الواجب غرضا من الوجوب الغيري كي يخصص الوجوب بخصوص ما يترتب عليه الغرض وهو المقدمة الموصلة.
بل الغرض هو ما ذكر من كونه حصول ما بدونه لا يمكن ان يحصل ذو المقدمة.
وبديهي ان هذا يترتب على مطلق المقدمات من دون اختصاص له بقسم خاص منها. وبما أنه لا يعتبر في الواجب الا ماله دخل في غرضه كان الواجب الغيري هو مطلق المقدمة لاشتراك الجميع في الدخل في الغرض.
الثاني: انه بعد أن عرفت أن ترتب الواجب يختص بالمقدمة التوليدية، لأنها التي يحصل بها المسبب من دون توسط إرادة الفاعل، كحصول الاحراق بالالقاء بالنار، فلو فرض انه هو الغرض من الوجوب الغيري واختصاص الوجوب بالمقدمة الموصلة لزم انكار وجوب المقدمة في مطلق الواجبات غير الواجبات التوليدية، فيلتزم بوجوب العلة التامة فيها، لعدم تخلف المعلول عنها، اما غيرها فقد عرفت أن الواجب لا يحصل بمجموع المقدمات لتوسط الإرادة بعد أن كان الفعل اختياريا.