إذا كانت المقدمة في نفسها محرمة فلا تصير واجبة بالوجوب الغيري إلا بقصد التوصل. ببيان: ان المقدمة إذا كانت محرمة وتوقف عليها واجب فعلى - كتوقف انقاذ الغريق على اجتياز ارض الغير بدون إذنه -، فلا ترتفع حرمة المقدمة ما لم يؤت بها بقصد التوصل، وكون المكلف في مقام امتثال الواجب، والا كانت الحرمة على حالها باقية، ولا مقتضي لرفع اليد عنها. فيرد عليه: ان المزاحمة انما هي بين وجوب ذي المقدمة الموقوف على المقدمة المحرمة وبين حرمتها ولو لم نقل بوجوب المقدمة أصلا، فالتزاحم إنما هو بين واقع الانقاذ والتصرف في الأرض المغصوبة مثلا، وقصد التوصل أجنبي عن ذلك رأسا. نعم يترتب على ذلك خطاب تحريمي على نحو الترتب كما في تمام الخطابات المتزاحمة، ويظهر ذلك عن قريب إن شاء الله تعالى. هذا محصل ما افاده (قدس سره) (1).
ويقع البحث معه في ما ذكره من الاحتمالات الثالث، أعني اعتبار قصد التوصل في مقام المزاحمة وما أورده عليه. اما الاحتمالات الآخران فقد عرفت تحقيق البحث في الأول. واما الثاني فهو محل الكلام وستعرف ما هو الأقرب إلى الواجدان.
والكلام معه فيما افاده في تقريب الاحتمال الثالث ودفعه من جهات:
الأولى: ما يظهر منه من تسليم كون المقام من باب المزاحمة. فقد تقدم في أول مبحث المقدمة انه مع الالتزام بوجوب المقدمة يكون المورد من موارد التعارض، لتوارد الحكمين على موضوع واحد. نعم لو لم نقل بوجوب المقدمة تحقق التزاحم بين حرمة المقدمة ووجوب ذيها.
الثانية: انه لو سلم كون المقام من موارد التزاحم، فحكمه هو ارتفاع الحكم المهم وبقاء الحكم الأهم من دون دخل لقصد امتثال الأهم وعدمه، فان