الشرطية تفيد تعليق الجزاء على الشرط، وربط أحدهما بالآخر بنحو من انحاء الربط، سواء قلنا أن ذلك مفاد نفس الأداة كان، أو قلنا بان مفاد الأداة ليس إلا كون تاليها واقعا موقع الفرض والتقدير، والتعليق يستفاد من " الفاء " أو " ثم " أو غيرهما من الأدوات الداخلة على الجزاء، أو من نفس ترتيب الجزاء على الشرط والهيئة التركيبية الخاصة - فان تحقيق أحد الوجهين الذين ذهب إلى أولهما اهل الميزان والى ثانيهما اهل العربية، وليس بمهم في المقام -، إذ لا اختلاف بينهم في النتيجة، فان القدر المسلم لدى الطرفين هو أن مفاد الجملة الشرطية تعليق الجزاء على الشرط، اما سببه فهو محل الاختلاف.
ومن البديهي ان الربط الموجود في الجملة الشرطية انما هو ربط بين المفاهيم التركيبية، أعني المفهوم التركيبي لجملة الشرط والمفهوم التركيبي لجملة الجزاء، لا بين المفاهيم الافرادية. فمفاد: " إذا جاء زيد يجئ عمرو " تعليق مجئ عمرو على مجئ زيد وترتيب نسبة مجئ عمرو على نسبة مجئ زيد، وليس مفادها تعليق نفس المجئ في الجزاء على مجئ زيد، إذ مرجع ذلك إلى الحكم الفعلي على عمرو بالمجئ الخاص وهو المترتب على مجئ زيد، نظير: " عمرو جاء بالمجئ المترتب على مجئ زيد ".
وهذا امر لا يجده المخبر بالجملة الشرطية من نفسه، فإنه لا يعلم بمجئ زيد فكيف يحكم بثبوت المجئ المقدر عليه؟. كما أنه ليس مفادها الحكم بالمجئ على عمرو على تقدير مجئ زيد برجوع القيد إلى الموضوع لا الحكم، لوضوح انه يصح إطلاق الجملة الشرطية مع التصريح بأخذ موضوع الجزاء بنحو مطلق بلا تقييده بشئ. فمن البديهي ان المخبر بالجملة الشرطية لا يجد في نفسه إلا أنه يخبر عن الربط بين المفهومين التركيبين - أعني مفهومي جملتي الشرط والجزاء -، بحيث إذا سئل عن قصد لأجاب بذلك. ومن هنا يأتي الاشكال، فان المفاهيم التركيبية من المعاني الحرفية لأنها مداليل هيئات الجمل