بالتكليف أو عدمه، فلا مجال لاستصحاب العدم السابق.
فهو - لو تم حتى في حق المميز - لا يضر في ما نحن فيه، لوضوح أن العلم بخطابهما بالتكليف أو بعدمه لا ينافي احتمال استمرار عدم خطابهما بالتكليف المتيقن سابقا، فيصح استصحابه، وهو كاف في ترتب الأثر بلا حاجة إلى إحراز خطابهما بعدم التكليف، بناء على ما هو التحقيق من أصالة الإباحة عقلا، وأن استحقاق العقاب مشروط بالمنع والخطاب بالتكليف شرعا، كما تقدم في الامر الخامس من الأمور التي ذكرناها تمهيدا للكلام في الأصول العملية.
ومنه يظهر اندفاع ما قد يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره من أن استصحاب عدم المنع لا يجدي في إحراز الاذن والترخيص، إلا بناء على الأصل المثبت.
إذ فيه: أنه لا حاجة إلى، إحراز الاذن والترخيص بناء على ذلك، بل يكفي إحراز عدم المنع في ترتب العمل.
الثالث: أن ما يترتب على الاستصحاب المذكور من السعة في مقام العمل وعدم المسؤولية بالتكليف وعدم استحقاق العقاب عليه ثابت بنفس الشك عقلا وشرعا، بلا حاجة إلى الاستصحاب، لما تقدم من الأدلة الشرعية والعقلية على عدم العقاب من غير بيان، فيكون التعبد بالاستصحاب لغوا، لعدم الفائدة فيه.
وفيه: أن عدم المسؤولية والعقاب مع الشك بملاك عدم تحق شرط العقاب، وهو تنجيز التكليف، أما عدم المنع الشرعي فهو بملاك عدم المقتضي له، فالتعبد به بالاستصحاب تعبد بعدم المقتضي، ومثل هذا كاف في رفع لغوية التعبد باستصحاب عدم المنع عرفا وإن كانا مشتركين في الأثر، والا امتنع استصحاب الحل والإباحة التي هي مقتض لعدم الاستحقاق، بل التعبد بالطرق والحجج المثبتة لهما، بل امتنع جعل الإباحة والترخيص ثبوتا، لعدم الأثر العملي