تعرضها لتعيين التكاليف الواقعية المعلومة بالاجمال وحصرها بمواردها ونفيها عن غيرها، بل ليس مفادها إلا ثبوت التكاليف في مواردها بنحو لا ينافي احتمال ثبوتها في غيرها الذي هو مقتضى العلم الاجمالي.
وهذا هو العمدة، لا ما يظهر من شيخنا الأعظم قدس سره من أن احتمال خطأ الطريق مانع من صلوحه لرفع العلم الاجمالي.
إذ فيه: أن الاحتمال المذكور لا أثر له بعد فرض حجية الطريق، ولذا لا إشكال في ارتفاع أثر العلم الاجمالي معه لو كان شارحا للمعلوم بالاجمال، ومعينا لمورده.
الثاني: ما ذكره شيخنا الأعظم قدس سره من منع تعلق تكليف غير القادر على تحصيل العلم بغير ما أدى إليه الطرق غير العلمية المنصوبة له، فهو مكلف بالواقع بحسب تأدية هذه الطرق، لا بالواقع من حيث هو، ولا بمؤدى هذه الطرق من حيث هو، حتى يلزم التصويب أو ما يشبهه، لان ذلك هو المتحصل من ثبوت الاحكام الواقعية للعالم وغيره، وثبوت التكليف بالعمل بالطرق.
وفيه: أن الجمع بين أدلة الاحكام الواقعية وأدلة الطرق إنما هو بحمل الأولى على جعل الاحكام ثبوتا، والثانية على جعل الطريق لاحرازها إثباتا، المستلزم لتنجيزها أو التعذير منها، فلا ينافي تنجزها بالعلم الاجمالي أيضا بعد كونها أحكاما فعلية حقيقية.
ولا مجال لتقييد الأولى بالثانية، بحيث لا يكون الحكم الواقعي فعليا عند عدم قيام طريق عليه، فلا يتنجز بالعلم الاجمالي، إذ لا ظهور لأدلة الطرق إلا في لزوم العمل بها، لا في حصر العمل بها لتصلح للتقييد. بل يمتنع الحكم الواقعي بقيام الطريق عليه إلا بتكلف لا مجال له في المقام، أشرنا إليه في مبحث القطع الموضوعي.
مع أن لازم ذلك عدم ثبوت الحكم في حق من لم يقم عنده طريق، وهو