كون الانسان على بصيرة من أمره، نظير ما عن أبي عبد الله عليه السلام: (العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لا يزيده سرعة السير إلا بعدا) (1).
ويستفاد هذا المعنى من مقابلة الشبهة بالبينة في مرسل موسى بن بكر:
(فإن كنت على بينة من ربك، ويقين من أمرك، وتبيان من شأنك فشأنك، والا فلا ترو من أمرا أنت منه في شك وشبهة) (2)، ومقابلتها بالحجة في كتاب أمير المؤمنين عليه السلام للأشتر: (اختر للحكم بين الناس أفضل رعيتك في نفسك...
أوقفهم في الشبهات، وآخذهم بالحجج...) (3).
هذا، ولا يخفى التناسب بين المعنيين، وعلى أحدهما يمكن حمل بقية نصوص المقام، بجعل الشبهة فيها كناية عن عدم البصيرة في الامر في مقابل البينة التي يكفي فيها تشخيص الوظيفة الفعلية الظاهرية.
وإرادة خصوص الجهل بالحكم الواقعي من الشبهة اصطلاح متأخر للأصوليين من أصحابنا لا ملزم بحمل النصوص المذكورة عليه.
ومجرد مقابلتها في مثل حديث التثليث بالحلال البين والحرام البين، لا يقتضيه، لقرب حملهما على ما يعم تبين الوظيفة الظاهرية، ليطابق النصوص الكثيرة المتقدمة ويناسبها.
ويشهد بما ذكرنا - مضافا إلى ذلك - أمران:
الأول: أن المنسبق من النصوص المستدل بها هو التنبيه إلى أمر ارتكازي إرشادي، ومن الظاهر أن الامر الارتكازي هو الوقوف عند الشبهة بالمعنى الذي ذكرناه، لا بالمعنى الذي يريده المستدل، بل هو أمر تعبدي شرعي بعيد عن مفاد النصوص جدا.