على ما أشرنا إليه آنفا من عدم فعلية مؤداه في مورد العلم الاجمالي، لكونه من سنخ المانع، بل الحمل على ذلك أقرب عرفا من حمل دليل الأصل على رفع، فعلية الواقع، لو فرض إمكانه في نفسه وغض النظر عن الوجه الأول.
نعم، لو ورد الترخيص في خصوص مورد العلم الاجمالي المنجز كان، حمله على رفع فعلية التكليف الواقعي بدلالة الاقتضاء متعينا.
ولكنه يكون ترخيصا واقعيا لا ظاهريا كما هو مفاد الأصل.
هذا، وقد يشكل ما ذكرنا في صحيح عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام: (كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال أبدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه) (1)، فإن فرض التقسيم فيه للحلال والحرام، الظاهر في كونه منشأ الاشتباه، ثم جعل الغاية للحل معرفة الحرام المفروض اشتباهه ظاهر في إرادة العلم الاجمالي، وفي فعلية الترخيص في أطرافه، وتوقف التنجيز على العلم التفصيلي بالحرام.
لكنه حيث كان باطلاقه منافيا لما عرفت من فعلية الواقع في حال الجهل به ومنجزية العلم الاجمالي الذاتية تعين حمله على خصوص العلم الاجمالي غير المنجز، لعدم انحصار الشبهة، المستلزم لعدم الابتلاء ببعض، الأطراف.
كما يشير إليه ورود المضمون المذكور في خبر عبد الله بن سليمان الوارد في الجبن، ومرسل معاوية بن عمار الوارد في الجبن وغيره (2)، لوضوح أن المراد بهما إهمال احتمال حرمة بعض أفراد النوع، مع وضوح عدم الابتلاء بتمام أفراد النوع.
بل ذلك كالصريح من خبر أبي الجارود: (سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجبن