الشبهة فيه من طرف العام التي لا يكون العام فيها حجة بلا كلام - أن التخصيص بالقدرة وإن كان عقليا، إلا أنه قد تظافرت به الأدلة اللفظية، كحديث الرفع المتضمن لرفع ما اضطروا إليه وما لا يطيقون وغيره. فتأمل.
فلا يبعد أن يكون الوجه فيه بناء العقلاء على لزوم الاحتياط فيه، نظير بنائهم على لزومه مع الشك في الفراغ، لأنه بعد فرض ثبوت الملاك فليس التعذر إلا من سنخ الاعذار والموانع التي لا يصح الاتكال عليها إلا بعد إحرازها، ولا يكتفى باحتمالها عندهم في قبح العقاب ورفع مسؤولية الخطاب.
ومنه يظهر الوجه في قصور عمومات البراءة الشرعية، لارتكاز ورودها جريا على ما عند العقلاء من قبح العقاب بلا بيان وتأكيدا لذلك، فتنصرف عن المورد المذكور الذي ليس بناؤهم على السعة فيه.
هذا، ولا يبعد جريان ذلك مع الشك في الاعذار الشرعية، كالحرج والضرر ونحوهما مما يظهر من أدلة عدم ارتفاع الملاك الأولي معه، وأن ارتفاع التكليف معه تخفيف من الشارع الأقدس، توسيعا للقدرة المعتبرة، فيكون عذرا شرعيا كالتعذر الذي هو عذر عقلي، فلا يسوغ الاكتفاء باحتماله بحسب مرتكزات المتشرعة. فلاحظ.
ولنكتف بهذا المقدار من الكلام في الشك في أصل التكليف. وهناك بعض الجهات التي قد يتضح حالها مما يأتي في بعض الفصول الآتية إن شاء الله تعالى. ومنه سبحانه نستمد العون والتوفيق، وهو حسبنا ونعم الوكيل.