ففي قوله: (زيد موجود) ليس الغرض إفهام زيد ولا مفهوم الموجود، بل إفهام كون زيد موجودا أي الهوهوية المفهمة بالهيئة، وفي قوله: (زيد في الدار) و (عمرو على السطح) يكون الغرض إفهام الكون الرابط.
وبالجملة: بعد كون المعاني الحرفية هي المهم في التفهيم والتفهم لا معنى لكونها مغفولا عنها وآلة للحاظ غيرها، بل هي منظور فيها و ألفاظها آلات للحاظ معانيها كالأسماء، لكن لما كانت معانيها على نحو لا يمكن أن تتعقل إلا بتبع الغير يكون إفهامها تبعيا لا استقلاليا، وفرق واضح بين تبعية شي لشئ في التعقل والتحقق وكونه مغفولا عنه وآلة للحاظ الغير.
وبالتأمل فيما ذكرنا يتضح ما في دعوى عدم الاخبار عنها وبها، فإن المراد به إن كان عدم الاخبار عنها وبها على وزان المعاني الاسمية بحيث تقع مبتدأ مستقلا وخبرا كذلك، فلا شبهة فيه، لكن الاخبار عن الشئ أعم من ذلك، وإن كان المراد به عدم الاخبار بقول مطلق، كما يقال: المعدوم المطلق لا يخبر عنه، فهو واضح الفساد ضرورة عدم المانع العقلي عنه وشهادة الوجدان بالخبر عنها وبها في التراكيب الكلامية، لكن تبعا للمعاني الاسمية، فقوله: (ضربت زيدا في الدار يوم الجمعة) و (ولد لعمرو مولود ساعة (كذا) يكون الغرض (منهما) إفهام حدوث الضرب منه في محل كذا ويوم كذا وحدوث ولادة ابن عمرو ساعة كذا، ويفهم من مثلهما هذا الغرض، ولا يكون إلا لكون الحدوث بالمعنى الحرفي يمكن أن يخبر عنه وبه، فيصح تقييد المعاني الحرفية وتعليقها واشتراطها، فإنكار الواجب المشروط ومفهوم