المشتق لا بد وأن يكون حدثا، أو ما بحكمه مما يجوز الاشتقاق منه كالوجود وأمثاله على ما سيأتي (1)، فلا يمكن أن يكون المشتق بما له من المعنى فصلا، بسيطا كان أو مركبا، فما يظهر منه - من أنه لو كان بسيطا لارتفع الاشكال - ليس بشئ. ولو التزم بأن الناطق جعل فصلا لا بماله من المعنى الاشتقاقي حقيقة، لم يتم مدعاه من عدم أخذ الذات في المشتق.
ثم إن إشكاله - على فرض وروده - إنما يتم إذا كان مفهوم المشتق مركبا تفصيليا من مثل الذات أو الشئ أو نحوهما دون ما ذكرنا.
توضيحه: أن الحد التام لا بد وأن يكون محددا ومعرفا للماهية على ما هي عليه في نفس الامر، ولو تخلف عنها في حيثية من الحيثيات لم يكن تاما، وماهية الانسان ماهية بسيطة يكون جنسها مضمنا في فصلها وفصلها في جنسها لان مأخذهما المادة والصورة المتحدتان، ولا بد أن يكون الحد مفيدا لذلك، فلو كانت أجزأ الحد حاكية عن أجزأ الماهية في لحاظ التفصيل لم يكن تاما.
فلا محيص عن أن يكون كل جز حاكيا عن المحدود بما هو بحسب الواقع من الاتحاد، وهو لا يمكن إلا بأن يكون الحيوان الناطق - المجعول حدا - حاكيا عن الحيوان المتعين بصورة الناطقية أي المادة المتحدة بتمام المعنى مع الصورة، فالذات المبهمة المأخوذة على نحو الوحدة مع العنوان في المشتق صارت متعينة بالتعين الحيواني، فكأنه قال: الانسان حيوان متلبس بالناطقية،