متعلقه هي الصلاة بداعي الأمر، فقد دعا إلى إتيانها، وإلى داعوية الأمر، وهذا يرجع إلى علية الشئ لعلية نفسه، وهذا مستحيل، لأن العلية وصف لذات العلة، من دون التقييد بأمر في ناحية المعلول حتى يلزم الدور، أو التسلسل، كما لا يخفى.
الوجه الثالث: الأمر الذي لا بد من إتيان المأمور به بداعية، هو الأمر النفسي، لأنه أمر يمكن أن يكون مقربا، ولأنه أمر شرعي مولوي تأسيسي. والأمر المأخوذ في المتعلق هو الأمر النفسي الاختراعي، الذي ليس مما يتقرب به بنفسه، فإن قام لأجل الأمر الضمني، فلا يسقط الأمر النفسي، وإن قام لأجل الأمر النفسي، فلا يأتي بجميع أجزاء المأمور به، كمالا يخفى.
الوجه الرابع: العبد إما يتحرك بالأمر المتوجه إليه بقوله: " اغتسل " أو لا يتحرك، فإن تحرك به فقد أتى بما هو الواجب اللبي - وهو المأمور به - بقصد الأمر وبتحريكه.
وإن لم يتحرك به، فلا حاجة إلى أخذه فيه، لأنه به لا يزداد في باعثيته، فأخذ قصد الأمر في المتعلق، لغو غير محتاج إليه.
أقول: الجواب عن هذه التقارير المختلفة الراجعة إلى أمر واحد في الواقع:
هو أن المقصود الأصلي في مرحلة الثبوت، هو تحقق المأمور به على وجه التعبد، والإتيان به مع كون الداعي هو الأمر المتعلق به، قبال الإتيان بذات الفعل مع الغفلة عن أمر المولى.
فإذا رأى المولى أن هذا الأمر يمكن أن يتوسل إليه، إذا جعل عنوان " قصد الأمر " في متعلقه، فلا بد أن يأمر بالصلاة مع قصد الأمر، وذلك لأن المكلف الملتفت إلى الأمر وأطرافه، وقيود المأمور به، ينتقل من هذا التقييد إلى أن نفس الصلاة، ليست كافية في سقوط الأمر، بل لا بد من امتثال الأمر والانبعاث به، لأنه يجد العقوبة في مخالفة الأمر، فيتحرك قهرا نحو المأمور به.