الوجه السادس: ما أفاده العلامة النائيني (رحمه الله) وإجماله ببيان منا: أن مثل قصد الأمر مثل استقبال القبلة، فكما لا معنى لأخذ الاستقبال إلا بعد موجودية القبلة والكعبة، كذلك لا معنى لأخذ قصد الأمر إلا بعد وجود الأمر، فيلزم تقدم الشئ على نفسه (1).
وهذا الوجه من الوجوه الناهضة على الامتناع الذاتي، والامتناع في مرحلة الجعل، وقد عرفت ما فيه بما لا مزيد عليه (2).
وإن شئت قلت: إن فعلية الموضوع متوقفة على تحقق متعلقات المتعلق، ومن تلك المتعلقات هو الأمر، ففعلية الموضوع متوقفة على فعلية الأمر والحكم، فما لم يكن أمر فعلي لا يمكن قصده، فإذا كانت فعلية الحكم ممتنعة، يصير إنشاء التكليف ممتنعا بالغير. ولكنه غير خفي عدم رجوعه إلى الامتناع في مرحلة الامتثال.
اللهم إلا أن يقال: بأن الامتناع الغيري كما ينشأ من الامتناع في مرحلة الفعلية، ينشأ من الامتناع في مرحلة الامتثال، فيلزم حينئذ فرق بين الامتناع الغيري المذكور في كلام الوالد المحقق - مد ظله - (3) والامتناع في مرحلة الامتثال المزبور في كلام الأستاذ البروجردي (رحمه الله) (4).
والذي يسهل الخطب: أنه وجه واضح المنع، ويلزم حينئذ إشكال على تقسيم السيد الأستاذ:
فأولا: إن الامتناع في مرحلة الفعلية، غير راجع إلى مرحلة الجعل والامتثال، بخلاف التقسيم الذي أفاده الوالد المحقق - مد ظله - فإنه يستوعب جميع