" وإرادة الرب في مقادير أموره تهبط إليكم " (1).
فبالجملة: ما تسلمه الأصحاب - رضي الله عنهم -: من اختلاف مفهومهما واقعا، وبحسب اللغة، غير واضح السبيل، بل لا يبعد اتحادهما في موارد الاستعمالات.
نعم، ربما يستعمل الإرادة في الأفعال الراجعة إلى المريد، من غير صحة استعمال الطلب، فلعله شاهد على أن المفاهيم بحسب اللغة مختلفة، والأمر - بعدما عرفت - سهل جدا.
بحث وتذييل: في عدم أصولية المسألة بل هي كلامية وفلسفية ربما يمكن دعوى: أن المسألة أصولية، وأن النزاع في المقام يرجع إلى بحث أصولي، لأن النزاع يكون في أن مدلول الأمر، هل هو الإرادة، والطلب متحد معها، أو منطبق على الكاشف عنها، كي تكون كاشفة عن الإرادة عند الإمامية والمعتزلة، وكاشفة أيضا عن الطلب، فيترتب على الصيغة ما يترتب عليها؟
أو لا تكون كاشفة عند الأشاعرة، فلا يترتب عليها ما يترتب عليها من الأحكام.
وفيه: أن مجرد ذلك لا يكفي لاندراجها في المباحث الأصولية، فما يظهر من العلامة الأصفهاني (2) غير سديد. هذا مع أن النزاع في المقام، ليس في مسألة أصولية بالضرورة، كما يظهر من الأدلة الآتية.
مع أن ما هو الموضوع لبناء العقلاء أو حكم العقل من لزوم الامتثال عقيب الأمر، ليس لأجل انكشاف الإرادة بعنوانها أو الطلب بمفهومه بالأمر، حتى إذا أنكرنا حقيقة الإرادة حتى في المخلوق، وقلنا: هي العلم بالصلاح، ولا صفة زائدة