في مقامين:
المقام الأول: حول مقتضى الدليل الاجتهادي وهو عندي التوصلية، وذلك لأن القدرة والاختيار ليست من قيود التكليف، بل هي من الموجبات لتنجيز الخطاب، وتعذير العبد في صورة الخلاف، فإذا توجه إلى العباد " اغسلوا أيديكم من أبوال ما لا يؤكل لحمه " ونظائره مما لا يحتاج في تحققه في الخارج - قضاء لحق المادة - إلى أمر زائد عن أصل صدور الفعل، فلا يجب إلا الغسل، سواء صدر عن الاختيار، أو عن اللا اختيار.
وإن شئت قلت: العناوين المأخوذة في متعلق الأوامر، مختلفة بعد عدم كونها قربية، فإن منها: ما يحتاج إلى قصد العنوان، كرد السلام، والتعظيم، وأداء الدين، والوفاء بالنذر، وأداء الكفارات، فإنه لا بد من الاختيار فيها، لاقتضاء المادة ذلك.
ومنها: ما لا يكون محتاجا إلى أمر مربوط بالنية والقصد، كالغسل، وإحراق الكتب الضالة، وقلع مادة الفساد، وكسر آلات القمار، وأمثالها مما لا يحتاج إلى أمر ذهني، فإن المادة ساكتة، ولا اقتضاء من قبل الهيئة أصلا، لأنها ليست إلا لتحريك المطلعين إلى العمل والفعل في الخارج.
وتوهم: أن الأمر ليس معناه إلا توجيه إرادته نحو المطلوب، وإيجاد الداعي فيه إلى المقصود، وهذا يؤدي إلى شرطية الاختيار في السقوط، كما وقع في كلمات الميرزا النائيني (رحمه الله) (1) فاسد جدا، لما مضى من أن الأمر ليس إلا لإمكان الداعوية، أو ليس إلا لتوجيه المكلفين إلى لزوم تحقق المأمور به خارجا، وأما سائر الجهات فهي خارجة (2) ولو كان حقيقة الأمر وهويته ذلك لما أمكن إفادة الإطلاق في