باب المطلق والمقيد، كما عرفت منا تفصيله (1)، بل المراد من " الإطلاق " هو الإرسال مع الاتكاء على القرينة العدمية، وهي عدم ذكر القيد على الخصوصية، فإنه عند عدم ذكرها يكشف - لأجل تلك القرينة العدمية، وهي عدم ذكر القيد - أن الواجب نفسي، عيني، تعيني، مباشري، وهكذا.
مقتضى الدليل الاجتهادي فإذا عرفت ذلك، فهل الإطلاق يقتضي كون الفرد مباحا، لأن بناء العرف على الاتكال على الإطلاق عندما يريد كون المأتي به محللا ومباحا، وغير مستلزم للمحرم، وإذا كان المراد أعم كان بناؤهم على ذكر الأعمية، بإفادة إطلاق المطلوب والمرام باللفظ، أم الإطلاق في هذه المسألة من هذه الجهة قاصر؟ وجهان.
لا يبعد الأول، لعدم إمكان التزام العقلاء بأن الشرع في الواجب، يلتزم بأنه واجب ولو كان مستلزما للمحرم، أو متحدا معه مصداقا لا عنوانا، فإنه غير معقول، فعليه لا يبعد دعوى فهم العقلاء من الأوامر والواجبات، أن المادة ليست مطلوبة على الإطلاق، خصوصا مع الاختيار والمندوحة، كما هو مفروض البحث في المسألة. فجميع ما قيل في المقام أجنبي عن أساس البحث، فاغتنم، وكن على بصيرة من أمرك.
وأما التمسك بالإطلاق المصطلح عليه في محله، فهو هنا وإن كان ممكنا، ولكنه يورث التوسعة، وهي خلاف فهم العرف، كما في إثبات العينية والنفسية والتعينية، فإن قضية الإطلاق المصطلح عدم هذه الأمور، قضاء لحق الإرسال. مع أن مقتضى الإطلاق هنا هو التضييق، وهو لا يمكن إلا بالوجه المشار إليه، فلا ينبغي الخلط.