وإن شئت قلت: الواجب هي الصلاة المقيدة، ولكنه إذا تحرك بالأمر نحوها، غافلا عن قصد الأمر، فقد امتثل الأمر وسقط.
هذا مع أن انحلال الأمر إلى الأجزاء التحليلية، حتى تصير الطبيعة واجبة بالأمر الضمني (1)، محل إشكال، فلا تغفل.
وللعلامة صاحب " المقالات " كلام يمشي معه في كثير من المباحث الأصولية والفقهية، فتوهم هنا أيضا: أن ما هو المأمور به هي الحصة غير المتقيدة، ومع ذلك ليست مطلقة، فما هو الواجب هي الصلاة، مع أنها لا تسقط بإتيانها على الإطلاق (2).
وأنت خبير بفساده، كما مر مرارا توضيحه (3)، ولا نطيل بتكراره تفصيلا.
ثامنها: لزوم الجمع بين المتقابلين والمتنافيين، وذلك أنه لا ريب في أن موضوع الحكم، متقدم في اللحاظ على حكمه، وهو متأخر عنه، كما أنه لا ريب في أن قصد الامتثال ونحوه، يكون مترتبا في وجوده وتحققه على وجود الأمر، الذي هو متأخر في اللحاظ عن الأمر أيضا، فيكون متأخرا برتبتين عن موضوع الأمر، فإذا اخذ جزء من موضوع الأمر، أو قيدا فيه، لزم أن يكون الشئ الواحد - في اللحاظ الواحد - متقدما في اللحاظ، ومتأخرا فيه، وهذا مستحيل (4).
أقول: هذا ما أفاده صاحب " المقالات " واتكأ عليه في المقام، وأنت خبير بأنه إن أريد الأمر الشخصي الذي لم يصدر بعد، فجميع المحذورات متوجهة، وتكون المسألة واضحة المنع، من غير حاجة إلى التأمل والبرهان.