فيها، أن الشرع بعد إمضاء الأمارة العقلائية المؤدية إلى خلاف الواقع، لا يكون باقيا على إرادته الأولية، بل لا بد من رفع اليد عند ذلك عنها، جمعا بين الحكمين.
فعليه يأتي هذا الوجه هنا، لأن هذا المشرع والمقنن، هو الله تعالى الذي خلق كل شئ، وبيده كل شئ، ومن تلك الأشياء القطع المؤدي إلى خلاف شريعته وقانونه، فكيف يمكن ترشح الإرادة الجدية منه تعالى في مورد خطأ الطريق التكويني الذي أمر خلقته بيده؟! فلا بد من رفع اليد عن الحكم التشريعي، فيحصل الاجزاء قهرا.
فبالجملة: جميع الأمارات داخلة في محط البحث وموضوع الكلام، فلا تخلط، ولا تغفل.
ثانيها: في قصر بحث الاجزاء على طريقية الأمارات البحث هنا مقصور على مسلك الحق في باب حجية الطرق والأمارات، من الطريقية، ولا ينبغي تشقيق الشقوق، وتكثير الكلام على السببية بأنحائها، بعد عدم رضا أحد من العقلاء بها، لا السببية التي أبدعها الأشاعرة من إنكار الأحكام الواقعية رأسا، ولا التي اخترعها المعتزلة، من قلب الواقع عما كان عليه عند تخلف مؤدى الأمارة عن الواقع.
وأما السببية بمعنى المصلحة السلوكية، فهي ليست من أنحاء السببية، لأن صاحبها يأبى عنها، وربما يؤدي نظره إلى التفصيل بين الإعادة والقضاء هنا، فيكون رأيا ثالثا في مسألة الاجزاء، كما لا يخفى.
فبالجملة: الاجزاء على رأي العامة في الطرق ضروري، بل لا معنى لعدمه، وعلى رأي الإمامية محل البحث، سواء قلنا بالمصلحة السلوكية، أو لم نقل، لأن وفاء تلك المصلحة بذاك، غير ثابت ثبوتا، كما يأتي الإيماء إليه.