مصداقه، بخلاف قصد الأمر، فإن المراد هو أخذ عنوانه، حتى يكون الأمر باعثا إليه إذا تحقق، فلا معنى للمقايسة بين العلم وقصد الأمر في المقام، فلا تخلط.
وربما يخطر بالبال أن يقال: بأن أخذ قصد الأمر الشخصي، غير ممكن، لأن الأمر - بوجوده الشخصي - متأخر عن تصور الموضوع، مع أنه لا بد من تصوير الموضوع حتى يمكن ترشح الإرادة، ويمكن الأمر به والبعث إليه.
ولكنه إذا كان ذات الصلاة مثلا متصورة، وكانت هي ذات مصلحة باعثة إلى الأمر بها، فإذا تصدى الآمر للأمر بها، وخاطب المكلفين بقوله: " صلوا " فبدا له في أن يزيد فيها قيدا آخر، لأن المصلحة تكون قائمة بالمقيدة، فزاد في كلامه وقال:
" صلوا مع قصد هذا الأمر المتعلق بها " فإنه عند ذلك يدعو إلى المقيد، وقد اخذ القصد في متعلق الأمر الشخصي، ولكنه تصوير ممتنع في حق الشارع المقدس جل وعلا، وممكن في حقنا.
عاشرها: لازم التقييد بداعي الأمر، هو لزوم عدمه من وجوده، وذلك لأن أخذ الإتيان بداعي الأمر في متعلق الأمر، يقتضي اختصاص ما عداه بالأمر، وقد تبين في محله: أن الأمر لا يدعو إلا إلى متعلقه، وهذا مساوق لعدم أخذه فيه، إذ لا معنى لأخذه فيه إلا تعلق الأمر بالمجموع من الصلاة، والإتيان بداعي الأمر، فيلزم من أخذه فيه عدم أخذه فيه، وما يلزم من وجوده عدمه محال (1).
أقول: هذا ما سطره العلامة المحشي (رحمه الله) وفيه ما لا يخفى، فإن قيد الإتيان بقصد الأمر، من القيود الراجعة إلى المادة بحسب الثبوت، فلا معنى لتعلق الهيئة في مقام الاستعمال والإنشاء، بغير ما تصوره المقنن، ولا وجه لدعوة الأمر إلى غير ما يتعلق به، وهو المقيد، فالاقتضاء المزبور في كلامه ممنوع.
وهذا أيضا ليس من الوجوه المستقلة في المسألة، كما هو الظاهر.