بإمكان تجزئة الحكم، أو امتناعه. فما ترى في كتب القوم: من الحكم بالإمكان مطلقا أو بالامتناع مطلقا، في غير محله، فليتدبر جيدا.
الجهة الثالثة: في مقتضى الاستصحاب وهو مختلف فيه، فمن قائل: بأنه لا يفيد هنا شيئا، حتى على القول بجريان الاستصحاب في القسم الثالث من الكلي، لأن الحكم المنسوخ معدوم قطعا، وما هو محتمل البقاء ليس من الحكم المجعول الشرعي، بل هو العنوان الجامع الانتزاعي، وهذا هو رأي الوالد المحقق - مد ظله - (1).
ومن قائل بجريانه، بناء على كون الندب والاستحباب من مراتب الوجوب، والكراهة من مراتب الحرمة، والإباحة والجواز من مراتب الحكم، فإن وحدة القضيتين - المتيقنة، والمشكوكة - محفوظة بذهاب مرتبة، وبقاء مرتبة، فيستصحب بقاء أصل الحكم، كما يستصحب بقاء البياض، وهذا هو استصحاب الشخصي، لا الكلي (2).
ولكنه غير صحيح، لما عرفت منا: من أن الاستحباب والندب بعنوانه وحده، غير مجامع للوجوب، وما هو المجامع له - وهو أصل الحكم - وإن كان قابلا للبقاء حسبما تحرر، ولكنه في مرتبة تعلق اليقين لا تكثر في الحكم (3).
اللهم إلا أن يقال: إذا أمكن التجزئة في الحكم اعتبارا لما فيه الأثر المقصود، فلا بد من تكثر اليقين، وهو حاصل، ويكفي ذلك ولو كان في مرتبة الشك - أي عند الشك في بقاء أصل الحكم - يتذكر ثبوت اليقين بأصل الحكم في الزمان السابق،