فيه عليه ولو بالرتبة، أو ولو كانا معا في الزمان، بل في الرتبة، ضرورة أن الاستعمال في سائر الألفاظ، ليس سبب تحقق المعنى، بل المعنى يتحقق بعلة أخرى متقدمة على الاستعمال، أو مقارنة معه، وأما إذا كان نفس الاستعمال علة وجود المعنى، فهو متقدم عليه بالرتبة، فكيف يصح الاستعمال، ويترشح الإرادة إلى ذلك؟! وإليه يشير العلامة المعظم في " الدرر " فأنكر الاستعمال الإيجادي (1).
ويمكن حله: بأن المعاني التي تستعمل فيها الألفاظ، تتصور قبل الاستعمال، وباستعمالها فيها يعتبر وجود تلك المعاني خارجا، فافهم واغتنم.
إيقاظ وإرشاد: في كيفية استعمال الباري للصيغ الإنشائية قضية ما مر في صيغة الأمر (2): أن سائر الصيغ الإنشائية - كألفاظ التمني، والترجي، والاستفهام، والتشبيه - ليست مستعملات في المعاني المختلفة مجازا، أو اشتراكا لفظيا، حتى في المبدأ الأعلى تعالى وتقدس، والذي هو الموضوع له والمستعمل فيه، هي المعاني الوحدانية، وسائر الاستعمالات ترجع إليها، وتختلف بالدواعي والأغراض.
وما هو المعنى الوحداني، هو المعنى الاعتباري الكلي المتخذ من الأمور الواقعية القلبية والوجدانية، من غير كونها داخلة في الموضوع له، فإذا قيل: * (لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) * (3) أو قيل: * (لعله يتذكر أو يخشى) * (4) فليس معناهما