ثانيها: حول النسبة بين الإطلاق والتقييد بناء على صحة قولهم: " امتناع التقييد يستلزم امتناع الإطلاق " فلا فرق بين كون تقابلها التضاد، أو الإيجاب والسلب، أو العدم والملكة، لأن سند هذه القاعدة، بناء العرف والعقلاء في احتجاجاتهم، ولا سبيل لهذه المصطلحات الصادرة عن غير أهلها في الفنون الاعتبارية والعلوم غير الحقيقية في هذا المقام والميدان، فإن استكشاف مراد المولى والمقنن سعة وضيقا، تابع لمقدار دلالة ألفاظه، وسائر القرائن الحالية والمقالية.
فإذا قال: " أكرم العالم " يمكن كشف أن إكرام العالم تمام مرامه ومقصده، بشرط عدم كونه في محذور عقلي عن إفادة القيد، أو محذور عقلائي معلوم عندهم، سواء كان تقابل الإطلاق والتقييد من التضاد، أو غيره، ضرورة أنه بعدما كان تحقق أحد الضدين - وهو الإطلاق - منوطا بإمكان تحقق الضد الآخر - وهو التقييد - فلا بد في الحكم بتحققه من إحراز إمكانه إثباتا.
ثالثها: في الفرق بين الإطلاق والتقييد الثبوتيين والإثباتيين الإطلاق والتقييد هما من أفعال الانسان والمقنن، فإنه إذا أرسل كلامه بعدم ذكر قيد معه، يقال: " إنه أطلق " وكان كلامه مطلقا بلحاظ فعله، والتقييد أيضا من الأفعال القائمة بالإنسان قياما صدوريا. ولا يكون الإطلاق من المعاني الداخلة في إحدى المقولات، لعدم شأنية الوجود له حتى يعد منها، كما لا يخفى، وتفصيله في المطلق والمقيد (1).