وثانيا: حكم العقل بالاشتغال، مانع عن وجود الإطلاق وتحققه، فكيف يعقل ورود هذا الإطلاق عليه؟! فانتفاء الدور ليس بالالتزام بورود الإطلاق عليه، لأن حكم العقل بالاشتغال من علل وجوده.
فما هو حل المشكلة، هو أن الاشتغال إذا كان بحكم العقل الضروري، فلا يتحقق الإطلاق، وإذا كان بحكم العقل النظري فيرد عليه الإطلاق، لعدم تقومه به.
هذا مع أن حكم العقل الضروري بالاشتغال، ليس مضادا للإطلاق، بل للمتكلم الاتكال عليه، فلا مانع من التصريح بالإطلاق، فإذا صرح به فيرد على الاشتغال الثابت بحكم العقل، فاغتنم.
فتحصل: أن البحث عن مقتضى الأصول العملية غير لازم عندنا، لتمامية الإطلاقات اللفظية، بل ولا يبعد تمامية الإطلاق المقامي أيضا.
ولكن مع ذلك كله، لا بأس بصرف عنان البحث - بعد هذه المقدمة - في ذلك، فنقول: البحث هنا يقع في مقامات:
أحدها: في قضية الاستصحاب والظاهر أن مقتضى استصحاب العدم النعتي، عدم وجوب اعتبار القيد الزائد في المأمور به، وسقوطه بمجرد الإتيان بالأجزاء المعلومة، كما في جريان أصالة البراءة الشرعية، ضرورة أن الشك في سقوطه، ناشئ عن الشك في لحاظ القيد الزائد، أو ناشئ عن الشك في أن غرضه متعلق بالأكثر، أو الأقل، وعلى كل تقدير، نفس التعبد بعدم تعلق الغرض بالقيد الزائد، كاف للتعبد بسقوط الأمر بإتيان نفس الطبيعة.
وفيه: أن الأغراض ليست تدريجية الوجود، حتى يصح جريانه في الزائد، فلا حالة سابقة نعتية.
هذا مع أن إجراء هذا النحو من الاستصحاب بلحاظ علم الشرع المقدس،