وتأخذ به ودع الآخر (1).
والأخبار العلاجية كثيرة لا نريد أن نحصيها هنا، ويكفينا أن نقول: إن ظهور الأخبار العلاجية في هذه الفترة تكشف عن شيوع الرواية والحديث عن أهل البيت عليهم السلام في الفقه وانتشار فقه أهل البيت في الأقطار والأمصار، فقد انتشر فقه أهل البيت في كثير من أقطار العراق وخراسان والري.
والحجاز واليمن بشكل ملحوظ مما أدى إلى كثرة النقل والحديث عنهم، وتداول فقههم عليهم السلام.
وهذه هي الظروف الطبيعية لظهور الدس والاختلاق والتزييف في الحديث.
وهذه ظاهرة أخرى من ملامح هذا العصر.
وفي هذه الفترة اتسعت شقة الخلاف بين المذاهب الفقهية الاسلامية في كثير من المسائل الخلافية.
وكان موقف أئمة أهل البيت عليهم السلام مما يثار من الخلافات في هذه الفتنة موقفا حكيما فقد كانوا يجارون الفقه الرسمي الذي تتبناه السلطة ما تسعهم المجاراة، لئلا يزيد الشرخ في هذه الأمة، فإذا خلوا إلى أصحابهم بينوا لهم وجه الحق فيما يختلف فيه الناس وأمروهم بالكتمان والسر ما وسعهم ذلك وحتى يقضي الله ما هو قاض. وهذا هو ما يعرف عند الإمامية ب " التقية ". ولم تكن الغاية منها المحافظة على النفوس والدماء من إرهاب السلطة، وإنما كانت الغاية منها كثيرا هي المحافظة على وحدة كيان الأمة من التصدع والتفرق قدر الامكان.
على أن أهل البيت عليهم السلام لم يفرطوا في بيان أحكام الله وحدوده بسبب التقية.