المدونات في الحديث والتفسير والفقه.
ولم تزدهر المدرسة الحديثية في مذهب من المذاهب الاسلامية كما ازدهرت عند الشيعة، حتى رأينا أن الذهبي يقول في ميزان الاعتدال: لو أردنا أن نسقط رجال الشيعة من أسناد الروايات لم تسلم لنا من السنة إلا القليل النادر.
ولا نطيل في تفصيل شرح هذه الحركة الفكرية التي انطلقت من بيت النبوة، ورعاها فقهاء الشيعة ومحدثوها بعناية فائقة واهتمام كبير.
ملامح المدرسة:
وجدنا فيما تقدم من حديث عن العصر الأول من عصور الفقه الشيعي أن تدوين الحديث لم يكن أمرا شائعا بين المحدثين الشيعة، فلم تصلنا من ابن عباس مثلا رغم كثرة رواياته مدونة في الحديث إلا ما جمعه الفيروزآبادي من رواياته في التفسير والتأويل.
وظاهرة التدوين ظهرت من أيام الإمام الباقر عليه السلام ونمت أيام الإمام الصادق عليه السلام، فقد كان الإمام الصادق عليه السلام - لما رأى من ضياع الأحاديث والسنن - بحث الرواة والعلماء على تدوين السنة وكتابتها.
قال عاصم: سمعت أبا بصير يقول: قال أبو عبد الله الصادق عليه السلام:
اكتبوا، فإنكم لا تحفظون إلا بالكتابة (1).
وعن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال: ما يمنعكم من الكتاب؟! إنكم لن تحفظوا حتى تكتبوا، إنه خرج من عندي رهط من أهل البصرة يسألون عن أشياء فكتبوها.
وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:
اكتبوا، فإنكم لا تحفظون حتى تكتبوا.