السلام وتلاميذه، وبتأثير من الحركة العلمية القوية التي أوجدها الإمام الصادق عليه السلام في هذا الوسط الفكري.
ولم تبق الكوفة إلى حين الغيبة الكبرى مقاما للأئمة عليهم السلام، ولم يتمركز فقهاء الشيعة كلهم بعد ذلك في الكوفة، ولم تستمر هذه المدة المدرسة التي أنشأها الإمام الصادق في الكوفة، إلا أن الكوفة كانت هي منطلق الحركة العقلية في العصر الثاني من عصور تاريخ الفقه الشيعي ومبعث هذه الحركة ومركز الاشعاع وظلت مع ذلك تعد من أهم مراكز الفقه الشيعي، وظلت البعثات الفقهية تقصد هذه المدينة بالذات، ويتعاقب فيها فقهاء مدرسة أهل لبيت مركز الصدارة في التدريس والفتيا والبحث الفقهي.
ورغم العقبات الكبرى التي اصطدم بها الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وفقهاء الشيعة ورواة الحديث من ضغط الجهاز الحاكم حتى كان بعضهم يعرض إذا رأى الإمام في الطريق لئلا يتهم بالتشيع، وبعضهم يلتقي بالإمام ليلا خوفا من عيون الرقابة المسلطة على بيوت أئمة أهل البيت عليهم السلام.
رغم ذلك كله، ورغم المعارضات والتهم والافتراءات والتهريج الذي كان يقوم به الجهاز تقدمت الدراسة الفقهية وتدوين الحديث لمدرسة أهل البيت شوطا كبيرا في هذه الفترة، وتركت لنا هذا التراث التشريعي الضخم الذي تمتلئ به المكاتب، وتحتفل به الدورات الضخمة - كدورات بحار الأنوار، والجواهر، والحدائق، ووسائل الشيعة - الكبيرة.
وصنف قدماء الشيعة الاثني عشرية المعاصرون للأئمة في الأحاديث المروية من طرق أهل البيت ما يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب مذكورة في كتب الرجال، على ما ضبطه الشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي (1).
ومن بين هذا العدد من الكتب الذي يعتبر وحده مكتبة ضخمة في الحديث