الشباب، وتفرغ للفقه والكلام، وكان يحضر مجلس درسه آلاف الطلاب، من الشيعة والسنة، وبرز من تلاميذه رجال كبار، أمثال: السيد المرتضى والشيخ الطوسي، تابعوا أستاذهم المفيد في توسعة المدرسة وتطويرها، وإدخال تغييرات جديدة عليها.
وقد قدر للشيخ المفيد أن يكون رائدا فكريا لهذا العصر من عصور الفقه الاسلامي. وأن يدخل تغييرات وتحسينات كثيرة على الفقه ويطور من مناهجه وقواعده.
ومن بعده كان تلاميذه وتلاميذ تلاميذه يعترفون له بهذا الحق.
يقول العلامة الحلي في شأنه: من أجل مشايخ الشيعة ورئيسهم وأستاذهم، وكل من تأخر عنه استفاد منه، وفضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية (1).
وقد أحصى له السيد الأمين قريبا من مائتي كتاب ورسالة في الفقه والكلام والحديث.
ومن استعراض حياة المفيد يستظهر الباحث أن الشيخ المفيد استطاع أن يغير الجو الفكري في بغداد - حاضرة العالم الاسلامي يومذاك - وأن يدير ندوات الفقه والكلام، ويجذب طلاب العلم حتى كاد أن يغطي المدارس الفقهية والكلامية الأخرى، والفقهاء والمتكلمين من أتباع سائر المذاهب.
وقد كان الفقهاء والمتكلمون يقصدونه من أقطار بعيدة، وكان بيته ندوة عامرة بحديث الفقه والكلام، والنقاش والأخذ والرد.
ويبدو أن ذلك كله جعل ظله ثقيلا على المذاهب الكلامية والفقهية الأخرى، وعلى جهاز الحكم الذي كان يدعو إلى مقاطعة مدرسة أهل البيت بصورة خاصة. ويلمح الباحث هذا الاحساس من عبارة الخطيب الجافية في