قال فأخرج منها فإنك رجيم (34) وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين (35) قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون (36) قال فإنك من المنظرين (37) إلى يوم الوقت المعلوم (38) يذكر تعالى أنه أمر إبليس أمرا كونيا لا يخالف ولا يمانع بالخروج من المنزلة التي كان فيها من الملا الاعلى وأنه رجيم أي مرجوم وأنه قد اتبعته لعنة لا تزال متصلة به لاحقة له متواترة عليه إلى يوم القيامة. وعن سعيد بن جبير أنه قال: لما لعن الله إبليس تغيرت صورته عن صورة الملائكة ورن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة منها.
رواه ابن أبي حاتم وأنه لما تحقق الغضب الذي لا مرد له سأل من تمام حسده لآدم وذريته النظرة إلى يوم القيامة وهو يوم البعث وأنه أجيب إلى ذلك استدراجا له وإمهالا فلما تحقق النظرة قبحه الله.
قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين (39) إلا عبادك منهم المخلصين (40) قال هذا صراط على مستقيم (41) إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين (42) وإن جهنم لموعدهم أجمعين (43) لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم (44) يقول تعالى مخبرا عن إبليس وتمرده وعتوه أنه قال للرب " بما أغويتني " قال بعضهم أقسم بإغواء الله له " قلت " ويحتمل أنه بسبب ما أغويتني وأضللتني " لأزينن لهم " أي لذرية آدم عليه السلام " في الأرض " أي أحبب إليهم المعاصي وأرغبهم فيها وأأزهم إليها وأزعجهم إزعاجا " ولأغوينهم أجمعين " أي كما أغويتني وقدرت على ذلك " إلا عبادك منهم المخلصين " كقوله " أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا " " قال " الله تعالى له متهددا ومتوعدا " هذا صراط علي مستقيم " أي مرجعكم كلكم إلي فأجازيكم بأعمالكم إن خيرا فخير وإن شرا فشر كقوله تعالى " إن ربك لبالمرصاد " وقيل طريق الحق مرجعها إلى الله تعالى وإليه تنتهي قاله مجاهد والحسن وقتادة كقوله " وعلى الله قصد السبيل " وقرأ قيس بن عبادة ومحمد بن سيرين وقتادة " هذا صراط على مستقيم " كقوله " وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم " أي رفيع والمشهور القراءة الأولى. وقوله " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان " أي الذين قدرت لهم الهداية فلا سبيل لك عليهم ولا وصول لك إليهم " إلا من اتبعك من الغاوين " استثناء منقطع. وقد أورد ابن جرير ههنا من حديث عبد الله بن المبارك عن عبد الله بن موهب حدثنا يزيد بن قسيط قال: كانت الأنبياء يكون لهم مساجد خارجة من قراهم فإذا أراد النبي أن يستنبئ ربه عن شئ خرج إلى مسجده فصلى ما كتب الله ثم سأله ما بدا له فبينا نبي في مسجده إذ جاء عدو الله - يعني إبليس - حتى جلس بينه وبين القبلة فقال النبي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال فرده ذلك ثلاث مرات فقال عدو الله أخبرني بأي شئ تنجو مني فقال النبي بل أخبرني بأي شئ تغلب ابن آدم مرتين فأخذ كل واحد منهما على صاحبه فقال النبي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم فقال عدو الله أرأيت الذي تعوذ منه فهو هو فقال النبي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال فرده ذلك ثلاث مرات فقال عدو الله أخبرني بأي شئ تنجو مني فقال النبي بل أخبرني بأي شئ تغلب ابن آدم مرتين فأخذ كل واحد منهما على صاحبه فقال النبي إن الله تعالى يقول " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين " قال عدو الله قد سمعت هذا قبل أن تولد قال النبي ويقول الله " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم " وإني والله ما أحسست بك قط إلا استعذت بالله منك قال عدو الله صدقت بهذا تنجو مني فقال النبي أخبرني بأي شئ تغلب ابن آدم؟ قال آخذه عند الغضب والهوى وقوله " وإن جهنم لموعدهم أجمعين أي جهنم موعد جميع من اتبع إبليس كما قال عن القرآن " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده ثم