رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اجعلني على شئ أعيش به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا حمزة نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها " قال: بل نفس أحييها قال: " عليك بنفسك " قوله تعالى " ولقد جاءتهم رسلنا بالبينات " أي بالحجج والبراهين والدلائل الواضحة " ثم إن كثيرا منهم بعد ذلك في الأرض لمسرفون ". وهذا تقريع لهم وتوبيخ على ارتكابهم المحارم بعد علمهم بها كما كانت بنو قريظة والنضير وغيرهم من بني قينقاع ممن حول المدينة من اليهود الذين كانوا يقاتلون مع الأوس والخزرج إذا وقعت بينهم الحروب في الجاهلية ثم إذا وضعت الحروب أوزارها فدوا من أسروه وودوا من قتلوه. وقد أنكر الله عليهم ذلك في سورة البقرة حيث يقول " وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دماءكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون * ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم والعدوان وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون " وقوله " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض " الآية المحاربة هي المضادة والمخالفة وهي صادقة على الكفر وعلى قطع الطريق وإخافة السبيل وكذا الافساد في الأرض يطلق على أنواع من الشر حتى قال كثير من السلف منهم سعيد بن المسيب: أن قبض الدراهم والدنانير من الافساد في الأرض وقد قال الله تعالى " وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد " ثم قال بعضهم نزلت هذه الآية الكريمة في المشركين كما قال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا يحيى بن واضح حدثنا الحسين بن واقد عن يزيد عن عكرمة والحسن البصري قالا " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله " - إلى - " إن الله غفور رحيم " نزلت هذه الآية في المشركين فمن تاب منهم من قبل أن تقدروا عليه لم يكن عليه سبيل وليست تحرز هذه الآية الرجل المسلم من الحد إن قتل أو أفسد في الأرض أو حارب الله ورسوله ثم لحق بالكفار قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد الذي أصاب. ورواه أبو داود والنسائي من طريق عكرمة عن ابن عباس " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " نزلت في المشركين فمن تاب منهم قبل أن يقدر عليه لم يمنعه ذلك أن يقام عليه الحد الذي أصابه. وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " الآية قال كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد وميثاق فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض فخير الله رسوله إن شاء أن يقتل وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف رواه ابن جرير.
وروى شعبة عن منصور عن هلال بن يساف عن مصعب بن سعد عن أبيه قال: نزلت في الحرورية " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا " رواه ابن مردويه والصحيح أن هذه الآية عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات كما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي قلابة واسمه عبد الله بن زيد الجرمي البصري عن أنس بن مالك أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الاسلام فاستوخموا المدينة وسقمت أجسامهم فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقال: " ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبو الها وألبانها فقالوا: بلى فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا فقتلوا الراعي وطردوا الإبل فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم فأدركوا فجئ بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا لفظ مسلم وفي لفظ لهما: من عكل أو عرينة وفي لفظ: وألقوا في الحرة فجعلوا يستسقون فلا يسقون وفي لفظ لمسلم: ولم يحسمهم وعند البخاري قال أبو قلابة فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله ورواه مسلم من طريق هشيم عن عبد العزيز بن صهيب وحميد عن أنس فذكر نحوه وعنده فارتدوا وقد أخرجاه من رواية قتادة عن أنس بنحوه وقال سعيد عن قتادة من عكل وعرينة ورواه