فخضته لخصناه معك ما تخلف منا رجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدا إنا لصبر في الحرب صدق في اللقاء لعل الله أن يريك منا ما تقر به عينك فسر بنا على بركة الله فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم بقول سعد ونشطه ذلك.
وقال أبو بكر بن مردويه: حدثنا علي بن الحسين حدثنا أبو حاتم الرازي حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حميد عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما سار إلى بدر استشار المسلمين فأشار عليه عمر ثم استشارهم فقالت الأنصار: يا معشر الأنصار إياكم يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا: إذا لا نقول له كما قالت بنو إسرائيل لموسى " اذهب أنت وربك فقاتلا إنها ههنا قاعدون " والذي بعثك بالحق لو ضربت أكبادها برك إلى الغماد لاتبعناك ورواه الإمام أحمد عن عبيدة بن حميد الطويل عن أنس به ورواه النسائي عن محمد بن المثنى عن خالد بن الحارث عن حميد به ورواه ابن حبان عن أبي يعلى عن عبد الاعلى بن حماد عن معمر بن سليمان عن حميد به وقال: ابن مردويه أنا عبد الله بن جعفر أنا إسماعيل بن عبد الله حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا محمد بن شعيب عن الحكم بن أيوب عن عبد الله بن ناسخ عن عتبة بن عبيد السلمي قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه ألا تقاتلون؟ قالوا نعم ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكم مقاتلون وكان ممن أجاب يومئذ المقداد بن عمرو الكندي - رضي الله عنه - كما قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع حدثني سفيان عن مخارق بن عبد الله الأحمسي عن طارق - هو ابن شهاب - أن المقداد قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: يا رسول الله إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى " إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون هكذا رواه أحمد من هذا الوجه وقد رواه من طريق أخرى فقال: حدثنا أسود بن عامر حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال: قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: لقد شهدت من المقداد مشهدا لان أكون أنا صاحبه أحب إلى مما عدل به أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يدعو على المشركين فقال: والله يا رسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ولكنا نقاتل عن يمينك وعن يسارك ومن بين يديك ومن خلفك فرأيت وجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشرق لذلك وسر بذلك.
وهكذا رواه البخاري في المغازي وفي التفسير من طرق عن مخارق به ولفظه في كتاب التفسير عن عبد الله قال:
قال المقداد يوم بدر يا رسول الله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى " اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ولكن امض ونحن معك. فكأنه سري عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال البخاري: رواه وكيع عن سفيان عن مخارق عن طارق أن المقداد قال للنبي - صلى الله عليه وسلم - وقال ابن جرير: حدثنا بشر حدثنا سعيد عن قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: لأصحابه يوم الحديبية حين صد المشركون الهدي وحيل بينهم وبين مناسكهم " إني ذاهب بالهدي فناحره عند البيت " فقال له المقداد بن الأسود: أما والله لا نكون كالملا من بني إسرائيل إذا قالوا لنبيهم " إذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون " ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون فلما سمعها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتابعوا على ذلك وهذا إن كان محفوظا يوم الحديبية فيحتمل أنه كرر هذه المقالة يومئذ كما قاله يوم بدر. وقوله " قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " يعني لما نكل بنو إسرائيل عن القتال غضب عليهم موسى عليه السلام وقال داعيا عليهم " رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي " أي ليس أحد يطيعني منهم فيمتثل أمر الله ويجيب إلى ما دعوت إليه إلا أنا وأخي هارون " فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين " قال العوفي: عن ابن عباس يعني اقض بيني وبينهم. وكذا قال علي بن طلحة: عن ابن عباس وكذا قال الضحاك: اقض بيننا وبينهم وافتح بيننا وبينهم. وقال غيره: أفرق افصل بيننا وبينهم كما قال الشاعر:
يا رب فافرق بينه وبيني * أشد ما فرقت بين اثنين.
وقوله تعالى " فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض " الآية. لما دعا عليهم موسى - عليه السلام - حين نكلوا عن الجهاد حكم الله بتحريم دخولها عليهم قدر مدة أربعين سنة فوقعوا في التيه يسيرون دائما لا يهتدون