عن الحسن قال: حدثني مطرف عن عياض بن حماد فذكره ورواه النسائي من حديث غندر عن عوف الاعرابي به والمقصود من إيراد هذا الحديث قوله: وإن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عجمهم وعربهم إلا بقايا من بني إسرائيل وفي لفظ مسلم من أهل الكتاب فكان الدين قد التبس على أهل الأرض كلهم حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فهدى الخلائق وأخرجهم الله به من الظلمات إلى النور وتركهم على المحجة البيضاء والشريعة الغراء ولهذا قال تعالى " أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير " أي لئلا تحتجوا وتقولوا يا أيها الذين بدلوا دينهم وغيروه ما جاءنا من رسول يبشر بالخير وينذر من الشر فقد جاءكم بشير ونذير يعني محمدا صلى الله عليه وسلم " والله على كل شئ قدير " قال ابن جرير معناه: إني قادر على عقاب من عصاني وثواب من أطاعني.
وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحد من العالمين (20) يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين (21) قالوا يا موسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون (22) قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين (23) قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون (24) قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين (25) قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين (26) يقول تعالى مخبرا عن عبده ورسوله وكليمه موسى بن عمران عليه السلام فيما ذكر به قومه نعم الله عليهم وآلائه لديهم في جمعه لهم خير الدنيا والآخرة لو استقاموا على طريقتهم المستقيمة فقال تعالى " وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء " أي كلما هلك نبي قام فيكم نبي من لدن أبيكم إبراهيم إلى من بعده وكذلك كانوا لا يزال فيهم الأنبياء يدعون إلى الله ويحذرون نقمته حتى ختموا بعيسى ابن مريم عليه السلام ثم أوحى الله إلى خاتم الأنبياء والرسل على الاطلاق محمد بن عبد الله المنسوب إلى إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام وهو أشرف من كل من تقدمه منهم صلى الله عليه وسلم " وجعلكم ملوكا " قال عبد الرزاق عن الثوري عن منصور عن الحكم أو غيره عن ابن عباس في قوله وجعلكم ملوكا قال: الخادم والمرأة والبيت وروى الحاكم في مستدركه من حديث الثوري أيضا عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال: المرأة والخادم " وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين " قال: الذين هم بين ظهرانيهم يومئذ ثم قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس قال: كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له الزوجة والخادم والدار سمي ملكا.
وقال ابن جرير: حدثنا يونس بن عبد الاعلى أنبأنا ابن وهب أنبأنا أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحنبلي يقول:
سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص وسأله رجل فقال: ألسنا من فقراء المهاجرين فقال عبد الله: ألك امرأة تأوي إليها قال نعم قال: ألك مسكن تسكنه، قال نعم قال: فأنت من الأغنياء فقال: إن لي خادما قال: فأنت من الملوك وقال الحسن البصري: هل الملك إلا مركب من خادم ودار رواه ابن جرير ثم روي عن الحكم ومجاهد ومنصور وسفيان الثوري نحوا من هذا وحكاه ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران وقال ابن شوذب كان الرجل من بني إسرائيل إذا كان له منزل وخادم واستؤذن عليه فهو ملك وقال قتادة: كانوا أول من اتخذ الخدم وقال السدي في قوله " وجعلكم ملوكا " قال يملك الرجل منكم نفسه وماله وأهله رواه ابن أبي حاتم وقال ابن