صالح بن حيي قال: بلغني في قوله تعالى " يسألونك عن الأنفال " قال السرايا ومعنى هذا ما ينفله الامام لبعض السرايا زيادة على قسمهم مع بقية الجيش. وقد صرح بذلك الشعبي. واختار ابن جرير أنها الزيادة على القسم.
ويشهد لذلك ما ورد في سبب نزول الآية وهو ما رواه الإمام أحمد حيث قال: حدثنا أبو معاوية حدثنا أبو إسحق الشيباني عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان يوم بدر وقتل أخي عمير قتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيفة فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقال " اذهب فاطرحه في القبض " قال فرجعت وبي ما لا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبي قال فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم " اذهب فخذ سلبك ".
وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو بكر عن عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد عن سعد بن مالك قال: قلت يا رسول الله قد شفاني الله اليوم من المشركين فهب لي هذا السيف فقال " إن هذا السيف لا لك ولا لي ضعه " قال فوضعته ثم رجعت فقلت عسى أن يعطي هذا السيف من لا يبلي بلائي قال فإذا رجل يدعوني من ورائي قال قلت قد أنزل الله في شيئا؟ قال كنت سألتني السيف وليس هو لي وإنه قد وهب لي فهو لك قال وأنزل الله هذه الآية " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول " ورواه أبو داود الترمذي والنسائي من طرق عن أبي بكر بن عياش به وقال الترمذي حسن صحيح وهكذا رواه أبو داود الطيالسي أخبرنا شعبة أخبرنا سماك بن حرب قال: سمعت مصعب بن سعد يحدث عن سعد قال: نزلت في أربع آيات أصبت سيفا يوم بدر فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت نفلنيه فقال " ضعه من حيث أخذته " مرتين ثم عاودته فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ضعه من حيث أخذته " فنزلت هذه الآية " يسألونك عن الأنفال " الآية وتمام الحديث في نزول " ووصينا الانسان بوالديه حسنا " وقوله تعالى " إنما الخمر والميسر " وآية الوصية وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة به وقال محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن بعض بني ساعدة قال: سمعت أبا أسيد مالك بن ربيعة يقول: أصبت سيف ابن عائذ يوم بدر وكان السيف يدعى بالمرزبان فلما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يردوا ما في أيديهم من النفل أقبلت به فألقيته في النفل وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنع شيئا يسأله فرآه الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياه ورواه ابن جرير من وجه آخر.
" سبب آخر في نزول الآية " وقال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي أمامة قال: سألت عبادة عن الأنفال فقال: فينا أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء يقول عن سواء. وقال الإمام أحمد أيضا: حدثنا أبو معاوية بن عمر أخبرنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى عن أبي سلامة عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت قال:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله تعالى العدو فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها فليس لأحد فيها نصيب وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق به منا نحن منعنا عنه العدو وهزمناهم وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به فنزلت " يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم " فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو نفل الربع فإذا أقبل راجعا نفل الثلث وكان يكره الأنفال ورواه الترمذي وابن ماجة من حديث سفيان الثوري عن عبد الرحمن بن الحارث به نحوه قال الترمذي هذا حديث صحيح ورواه ابن حبان في صحيحه