وإنك لتدعوهم إلى صراط مستقيم " 73 " قوله تعالى: * (ولو اتبع الحق أهواءهم) * في المراد بالحق قولان:
أحدهما: أنه الله عز وجل، قاله مجاهد، وابن جريج، والسدي في آخرين.
والثاني: أنه القرآن، ذكره الفراء، والزجاج. فعلى القول الأول يكون المعنى: لو جعل الله لنفسه شريكا كما يحبون. وعلى الثاني: لو نزل القرآن بما يحبون من جعل شريك لله * (لفسدت السماوات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم) * أي: بما فيه شرفهم وفخرهم، وهو القرآن * (فهم عن ذكرهم معرضون) * أي: قد تولوا عما جاءهم من شرف الدنيا والآخرة. وقرأ ابن مسعود، وأبي ابن كعب، وأبو رجاء، وأبو الجوزاء: " بل أتيناهم بذكراهم فهم عن ذكراهم معرضون " بألف فيهما.
* (أم تسألهم) * عما جئتهم به * (خرجا) * قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وعاصم: " خرجا " بغير ألف " فخراج بألف. وقرأ ابن عامر: " خرجا فخرج " بغير ألف في الحرفين. وقرأ حمزة، والكسائي: " خراجا " بألف " فخراج " بألف في الحرفين. ومع " نخرجا ": أجرا ومالا، * (فخراج ربك) * أي: فما يعطيك ربك من أجره وثوابه * (خير وهو خير الرازقين) * أي: أفضل من أعطى; وهذا على سبيل التنبيه لهم أنه لم يسألهم أجرا، لا أنه قد سألهم. والناكب: فلا العادل; يقال: نكب عن الطريق، أي: عدل عنه.
وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون " 74 " * ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون " 75 " ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون " 76 " حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون " 77 " قوله تعالى: * (ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر) * قال ابن عباس: الضر هاهنا: الجوع الذي نزل بأهل مكة حين دعا عليهم رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فقال: " اللهم أعني على قريش بسنين كسني يوسف "، فجاء أبو سفيان إلى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فشكا إليه الضر، وأنهم قد أكلوا القد والعظام، فنزلت هذه الآية والتي بعدها، وهو العذاب المذكور في قوله: * (ولقد أخذناهم بالعذاب) *.
قوله تعالى: * (حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد) * فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه يوم بدر، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أنه الجوع الذي أصابهم، قاله مقاتل.