والثاني: نحيا ونموت، لأن الواو للجمع، لا للترتيب.
والثالث: ابتداؤنا موات في أصل الخلقة، ثم نحيا، ثم نموت.
قوله تعالى: * (إن هو) * يعنون الرسول. وقد سبق تفسير ما بعد هذا إلى قوله: * (قال عما قليل) * قال الزجاج: معناه: عن قليل، و " ما " زائدة بمعنى التوكيد.
قوله تعالى: * (ليصبحن نادمين) * أي: على كفرهم، * (فأخذتهم الصيحة بالحق) * أي:
باستحقاقهم العذاب بكفرهم. قال المفسرون: صاح بهم جبريل صيحة رجفت لها الأرض من تحتهم، فصاروا لشدتها غثاء. قال أبو عبيدة: الغثاء: ما أشبه الزبد وما ارتفع على السيل ونحو ذلك مما لا ينتفع به في شئ. وقال ابن قتيبة: المعنى: فجعلناهم هلكى كالغثاء، وهو ما علا السيل من الزبد والقمش، لأنه يذهب ويتفرق. وقال الزجاج: الغثاء: الهالك والبالي من ورق الشجر الذي إذا جرى السيل رأيته مخالطا زبده. وما بعد هذا قد سبق شرحه إلى قوله تعالى: * (ثم أرسلنا رسلنا تترى) * قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وأبو جعفر: " تترى كلما " منونة والوقف بالألف. وقرأ نافع، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي: بلا تنوين، والوقف عند نافع وابن عامر، بألف. وروى هبيرة، وحفص عن عاصم، أنه يقف بالياء; قال أبو علي: يعني بقوله: يقف بالياء، أي: بألف ممالة. قال الفراء: أكثر العرب على ترك التنوين، ومنهم من نون، قال ابن قتيبة: والمعنى: نتابع بفترة بين كل رسولين، وهو من التواتر، والأصل: وترى، فقبلت الواو تاء كما قلبوها في التقوى والتخمة. وحكى الزجاج عن الأصمعي أنه قال: معنى واترت الخبر: اتبعت بعضه بعضا، وبين الخبرين هنية. وقرأت على شيخنا أبي منصور اللغوي قال: ومما تضعه العامة غير موضعه قولهم: تواترت كتبي إليك، يعنون: اتصلت من غير انقطاع، فيضعون التواتر في موضع الاتصال، وذلك غلط، إنما التواتر مجئ الشئ ثم انقطاعة ثم مجيئه، وهو التفاعل من الوتر، وهو الفرد، يقال: واترت الخبر، أتبعت بعضه بعضا، وبين الخبرين هنيهة قال الله تعالى: * (ثم أرسلنا رسلنا تترى) * أصلها " وترى " من المواترة فأبدلت التاء من الواو، ومعناه: منقطعة متفاوتة، لأن بين كل نبيين دهرا طويلا، وقال أبو هريرة: لا بأس بقضاء رمضان تترى، أي: منقطعا، فإذا قيل: واتر فلان كتبه، فالمعنى: تابعها، وبين كل كتابين فترة.
قوله تعالى: * (فأتبعنا بعضهم بعضا) * أي: أهلكنا الأمم بعضهم في إثر بعض * (وجعلناهم أحاديث) * قال أبو عبيدة: أي: يتمثل بهم في الشر، ولا يقال في الخير: جعلته حديثا.