يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير " 72 " قوله تعالى: * (ويعبدون) * يعني: كفار مكة * (ما لم ينزل به سلطانا) * أي: حجة * (وما ليس لهم به علم) * أنه إله، * (وما للظالمين) *، يعني: المشركين * (من نصير) * أي: مانع من العذاب. * (وإذا تتلى عليهم آياتنا) * يعني القرآن; والمنكر هاهنا بمعنى الإنكار، فالمعنى: أثر الإنكار من الكراهة، وتعبيس الوجوه، معروف عندهم. * (يكادون يسطون) * أي: يبطشون ويوقعون بمن يتلو عليهم القرآن من شدة الغيظ، يقال: سطا عليه، وسطا به: إذا تناوله بالعنف والشدة. * (قل) * لهم يا محمد: * (أفأنبئكم بشر من ذلكم) * أي: بأشد عليكم وأكره إليكم من سماع القرآن، ثم ذكر ذلك فقال: * (النار) * أي: هو النار.
يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب " 73 " ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز " 74 " قوله تعالى: * (يا أيها الناس ضرب مثل) * قال الأخفش: إن قيل: أين المثل؟
فالجواب: أنه ليس هاهنا مثل، وإنما المعنى: يا أيها الناس ضرب مثل، أي: شبهت بي الأوثان * (فاستمعوا) * لهذا المثل. وتأويل الآية: جعل المشركون الأصنام شركائي فعبدوها معي فاستمعوا حالها; ثم بين ذلك بقوله: * (إن الذين تدعون) * أي: تعبدون * (من دون الله) *، وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وابن أبي عبلة: " يدعون " بالياء المفتوحة. وقرأ ابن السميفع، وأبو رجاء وعاصم الجحدري: " يدعون " بضم الياء وفتح العين، يعني: الأصنام، * (لن يخلقوا ذبابا) * والذباب واحد، والجمع القليل: أذبة، والكثير: الذبان، مثل: غراب وأغربة وغربان; وقيل: إنما خص الذباب لمهانته واستقذاره وكثرته. * (ولو اجتمعوا) * يعني: الأصنام; قال ابن عباس: كانوا يطلون أصنامهم بالزعفران فيجف، فيأتي الذباب فيختلسه. وقال ابن جريج: كانوا إذا طيبوا أصنامهم عجنوا طيبهم بشئ من الحلواء، كالعسل ونحوه، فيقع عليه الذباب فيسلبها إياه، فلا تستطيع الآلهة ولا من عبدها أن يمنعه ذلك. وقال السدي: كانوا يجعلون للآلهة طعاما، فيقع الذباب عليه فيأكل منه قال ثعلب: وإنما قال: * (لا يستنقذوه منه) * فجعل أفعال الآلهة كأفعال الآدميين، إذ كانوا يعظمونها ويذبحون لها وتخاطب، كقوله: * (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم) * لما خاطبهم جعلهم