والثاني: أنها بمعنى الشرط. قال الزجاج: والمعنى: إن كنا نفعل ذلك، ولسنا ممن يفعله; قال: والقول الأول قول المفسرين، والثاني: قول النحويين، وهم يستجيدون القول الأول أيضا، لأن " إن " تكون في موضع النفي، إلا أن أكثر ما تأتي مع اللام، تقول: إن كنت لصالحا، معناه: ما كنت إلا صالحا.
قوله تعالى: * (بل) * أي: دع ذاك الذي قالوا، فإنه باطل * (نقذف بالحق) * أي: نسلط الحق وهو القرآن * (على الباطل) * وهو كذبهم * (فيدمغه) * قال ابن قتيبة: أي: يكسره، وأصل هذا إصابة الدماغ بالضرب، وهو مقتل * (فإذا هو زاهق) * أي: زائل ذاهب. قال المفسرون: والمعنى: إنا نبطل كذبهم بما نبين من الحق حتى يضمحل * (ولكم الويل مما تصفون) * أي: من وصفكم الله بما لا يجوز * (وله من في السماوات والأرض) * يعني: هم عبيده وملكه * (ومن عنده) * يعني:
الملائكة.
وفي قوله: * (ولا يستحسرون) * ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يرجعون، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: لا ينقطعون، قاله مجاهد. وقال ابن قتيبة: لا يعيون، والحسر: المنقطع الواقف إعياء وكلالا.
والثالث: لا يملون، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: * (لا يفترون) * قال قتادة: لا يسأمون. وسئل كعب: أما يشغلهم حاجة؟ فقال للسائل: يا ابن أخي، جعل لهم التسبيح كما جعل لكم النفس، ألست تأكل وتشرب وتقوم وتجلس وتجئ وتذهب وتتكلم وأنت تتنفس؟! فكذلك جعل لهم التسبيح. ثم إن الله تعالى عاد إلى توبيخ المشركين فقال: * (أم اتخذوا آلهة من الأرض) * لأن أصنامهم من الأرض هي، سواء كانت من ذهب أو فضة أو خشب أو حجارة * (هم) * يعني: الآلهة * (ينشرون) * أي: يحيون الموتى. وقرأ الحسن:
" ينشرون " بفتح الياء وضم الشين. وهذا استفهام بمعنى الجحد، والمعنى: ما اتخذوا آلهة تنشر ميتا. * (لو كان فيهما) * يعني: السماء والأرض * (آلهة) * يعني: معبودين * (إلا الله) * قال الفراء: سوى الله. وقال الزجاج: غير الله.
قوله تعالى: * (لفسدتا) * أي: لخربتا وبطلتا وهلك من فيهما، لوجود التمانع بين الآلهة، فلا يجري امر العالم على النظام، لأن كل أمر صدر عن اثنين فصاعدا لم يسلم من الخلاف.
قوله تعالى: * (لا يسأل عما يفعل) * أي: عما يحكم في عباده من هدي وإضلال، وإعزاز