من قرأ القرآن واتبع ما فيه، هداه الله من الضلالة، ووقاه سوء الحساب، ولقد ضمن الله لمن اتبع القرآن أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة، ثم قرأ هذه الآية.
قوله تعالى: * (ومن أعرض عن ذكري) * قال عطاء: عن موعظتي. وقال ابن السائب: عن القرآن ولم يؤمن به ولم يتبعه.
قوله تعالى: * (فإن له معيشة ضنكا) * قال أبو عبيدة: معناه: معيشة ضيقة، والضنك يوصف به الأنثى والذكر بغير هاء، وكل عيش أو مكان أو منزل ضيق، فهو ضنك، وأنشد:
وإن نزلوا بضنك فانزل وقال الزجاج: الضنك أصله في اللغة: الضيق والشدة.
وللمفسرين في المراد بهذه المعيشة خمسة أقوال:
أحدها. أنها عذاب القبر، رواه أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أتدرون ما المعيشة الضنك؟
قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: عذاب الكافر في قبره، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليه تسعة وتسعون تنينا ينفخون في جسمه ويلسعونه ويخدشونه إلى يوم القيامة ". وممن ذهب إلى أنه عذاب القبر ابن مسعود، وأبو سعيد الخدري، والسدي.
والثاني: أنه ضغطة القبر حتى تختلف أضلاعه فيه، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثالث: شدة عيشه في النار، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وقتادة، وابن زيد. قال ابن السائب: وتلك المعيشة من الضريع والزقوم.
والرابع: أن المعيشة الضنك: كسب الحرام، روى الضحاك عن ابن عباس قال: المعيشة الضنك: أن تضيق عليه أبواب الخير فلا يهتدى لشئ منها، وله معيشة حرام يركض فيها. قال الضحاك: فهذه المعيشة هي الكسب الخبيث، وبه قال عكرمة.
والخامس: أن المعيشة الضنك: المال الذي لا يتقي الله صاحبه فيه، رواه العوفي عن ابن عباس.
فخرج في مكان المعيشة ثلاثة أقوال:
أحدها: القبر.
والثاني: الدنيا.
والثالث: جهنم.